آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


أخبار صحـفيـة

   
أخلاقنا التجارية كيف يجب أن تكون/ جريدة بلدنا

أخلاقنا التجارية كيف يجب أن تكون/ جريدة بلدنا

تاريخ الإضافة: 2012/03/27 | عدد المشاهدات: 2520

نشرت جريدة "بلدنا" الصادرة في دمشق بتاريخ الثلاثاء 27 آذار 2012 وضمن صفحة (رأي) مقالاً للدكتور الشيخ محمود عكام بعنوان: "أخلاقنا التجارية كيف يجب أن تكون"، وفيما يلي نص المقال:

أخلاقنا التجارية كيف يجب أن تكون

المنطلق:

الأفعال والأقوال لها مستويان: مستوى مضموني ومستوى أسلوبي، والأخلاق تكمن في المستوى الأسلوبي، ولذلك تعرَّف بأنها: "أسلوب أمثل في أداء الأفعال المطلوبة والأقوال المرغوبة، بدافع شعور مراقبة العبد ربه".

ويزداد الأسلوب أمثلية بازدياد وتنامي قوة شعور المراقبة لدى العبد ليرتقي إلى مقام شعور مراقبة المُحب محبوبه، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك).

فهيا إلى المستوى الأسلوبي، لأن المستوى الأسلوبي هو الأخلاق، وهو المعبر عنه في ديننا بالإحسان وقد كتبه الله على كل شيء: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحِدَّ أحدكم شفرته وليُرِح ذبيحته) رواه مسلم.

الأخلاق المنشودة في معاملاتنا التجارية:

لن أتحدث عن المستوى المضموني (الحلال والحرام) فذاك يُلتمس في الفقه وأبوابه، لكني سأتناول المستوى الأسلوبي، أي أسلوب الأداء في البيع والشراء، والإيجار والاستئجار والصرف، وكل مكونات كلمة ومصطلح التجارة والمعاملات التجارية.

حاولت حصر الأمور المطلوبة اتباعها على المستوى الأسلوبي في مجال التجارة، فوجدتها تكمن في: الصدق والأمانة، السماحة، مجانبة الحلف والقسم.

1- الصدق والأمانة:

الأمانة: هي الحفاظ على الماديات والمعنويات وصيانتها ورعايتها رعاية إحسانية.

والصدق: موافقة الكلام للواقع، أو السكوت. قال صلى الله عليه وسلم: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء) رواه الترمذي، وقال أيضاً: (إن التجار يبعثون يوم القيامة فُجّاراً، إلا من اتقى الله، وبر، وصدق) رواه الترمذي.

2- السماحة: وتضم بين جناحيها: الهدوء، والبَشاشة، والكلمة الطيبة، واللطف، والكرم، والتأني، والتحمل، والتيسير، وكل ما يمكن أن يُشكّل طمأنينة لدى الطرف الآخر. وقد أخذناها من حديث النبي صلى الله عليه وسلم المَروي في البخاري: (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى).

3- مجانبة الحلف والقسم: بل يجب أن تشعر مَنْ أمامك بقوة كلمتك، وأنك لست بحاجة إلى توثيق قَسَمي، وعلينا ألا نُفقِد الكلمة بأسها وقوتها ونجاعتها.

وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم محذراً من كثرة الحلف في البيع: (إياكم وكثرة الحلف فإنه ينفق ثم يمحق) رواه مسلم.

ويقول أيضاً: (أربعة يبغضهم الله: البيَّاع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والإمام الجائر) رواه مسلم.

وأخيراً: فثمة حديث جامع في هذا الشأن يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم على المستوى الأسلوبي: (إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا، وإذا اؤتمنوا لم يخونوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا اشتروا لم يذمّوا، وإذا باعوا لم يمدحوا، وإذا كان عليهم لم يمطلوا، وإذا كان لهم لم يعسِّروا) رواه البيهقي.

أقوالٌ مأثورة تنفع التجار والناس جميعاً:

- ليس الفخر أن تقهر قوياً بل أن تُنصف ضعيفاً.

- الطمع مَطية سوء، من ركبها ذل، ومن صحبها ضل.

- لا تستحِ من إعطاء القليل، فإن الحرمان أقل منه.

- لا يكن أفضل ما نلت من دنياك في نفسك بلوغ لذة أو شفاء غيظ، ولكن إطفاء باطل وإحياء حق.

- يكفيك من شرف الصدق أنَّ الصادق يقبل قوله في عدوه، ومن دناءة الكذب أن الكاذب لا يقبل قوله في صديقه.

- لا يحل لعامل تجارة في سلطانه الذي هو عليه، فإن الأمير متى يتجر يستأثر ويُصب أموراً فيها عنت وإن حرص على أن لا يفعل.

- الناس عبيد الدنيا، والدين لغوٌ على ألسنتهم، يحوطونه ما درَّت به معايشهم فإذا ما مُحّصوا بالابتلاء قلَّ الديَّانون.

بقلم

الدكتور محمود عكام

مفتي حلب- مفكر إسلامي

التعليقات

شاركنا بتعليق