هذا بعضٌ من حديث نبويّ شريف صحيح، فيا أيها الإنسان الذي كان إنَّ فضل الله عليك عظيم بتقديره لك الوجود، والوجود أكبر نعمة عليك من مولاك جلَّ شأنه، فقد كتبك في اللوح المحفوظ والإمام المبين وأمِّ الكتاب من الحاضرين الموجودين، ولم يكتبك غائباً، أي إنَّ رحمتَه تناولَتكَ من العدم لتجعلك في الوجود والظُّهور وهذا ما يعبَّر عنه بالتناول الأول، ثم تناولتكَ الرحمة الخاصة ثانيةً تناولاً أكرم من ذي قبل إذ نفخ فيك الرحمن من روحه لتكون إنساناً: (فإذا سوَّيته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين)، وبعد هذا كلِّه ما غرَّك بربك الكريم يا أيها الإنسان فلم توجِّه له حمداً ولا شكراً، ولم تؤدِّ له ثناءً ولا ذكراً، بل سدرت في النسيان إلى حدِّ الطغيان، وتابعت البعاد إلى حدِّ العناد، فهل نكثت أو ارتكست ؟! وهل كفرت وفجرت ؟! (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسَّه الشر كان يؤوساً)، (وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسَّه الشر فذو دعاءٍ عريض) فلماذا كل هذا يا إنسان ؟!
أليس الأجدر بك بعد كل نعم الله عليك أن تكون مقبلاً عليه متَّجهاً إليه راضياً بقدره، إن أصابتك ضرَّاء صبرت، وإن أصابتك سرَّاء شكرت وتسلِّم تسليماً مُؤتَسياً بالأسوة المصطفاة وهو منكم وفيكم: (واعلموا أنَّ فيكم رسول الله) فاتَّبعه تسعد وتفلح وتُحقِّق إنسانيتك: (قل إن كنتم تحبُّون الله فاتبعوني يحببكم الله).
حلب
2 محرم 1438
3 تشرين 1 2016
محمود عكام
التعليقات