آخر تحديث: الجمعة 29 مارس 2024
عكام


كلمة الشـــهر

   
يحكى أنَّ -2

يحكى أنَّ -2

تاريخ الإضافة: 2016/11/18 | عدد المشاهدات: 1136

يحكى أنَّ: رجلاً طيباً له بيتان، بيتُ يسكنه وبيتٌ أعطاه آخر على سبيل الإيجار، إلا أن المستأجر لم يكن على القدر المنشود من حيث الحفاظ الكامل على البيت وأثاثه، ومن حيث أمان واطمئنان الجار الذي هو مالك البيتين. إلى أن جاء يومٌ اشتكى فيه المالك إلى بعض أصدقائه وأقربائه ما يأتيه من بعض الإزعاج من الجار المستأجر، فقام الأقرباء والأصدقاء بمعاتبة المستأجر بكلامٍ قاسٍ، وارتفعت الوتيرة إلى أن تحوَّلت المعاتبة إلى مشاجرة، ومن مشاجرة بالأيدي إلى قتالٍ بالسِّلاح، وصار هؤلاء يرمون بيت المستأجر بكل أنواع الرصاص والنار، فما كان من المالك إلا أن صاح وصرخ في وجه أقربائه وأصدقائه: لم أطلب منكم أن تفعلوا هذا الذي فعلتم، لقد خرَّبتم بيتي ودمَّرتم أثاثه، وأذكِّركم، فالبيت الذي دُمِّر وخرِّب ليس بيت المستأجر وإنما هو بيتي. فما كان من أولئك إلا أن قالوا للمالك: اخرس. وراحوا يضربونه ويرمون بيته بالنار والدمار؛ هنا وينبعث صوتٌ خافت من داخل هذه المعمعة: يا أيها المستأجر، يا أيها المُستنصَر بهم، يا كلَّ هؤلاء: ما ذنبي ؟! ما جريرتي ؟! آجرتك يا هذا فأسأتَ إلي ؟ واستنجدتُ بكم يا أقربائي لتصلحوا بيني وبين المستأجر فأفسدتم ما بيني وبينكم، فمن أنتم فعلاً ؟ خبِّروني: اعتدى المستأجر على كرامتي لكنكم لم تُبقوا لي كرامة، وغدا بيتي بل بيتاي يباباً، وها هم أولاء أولادي قد تركوا البيت لاجئين إلى بيتٍ لا نعرف صاحبه، والمهم أننا أصبحنا جميعاً لغزاً بالنسبة للآخر، وقد احتار الأخير في حلِّه وفكِّ رموزه، وها هو الآن يتخبَّط ، فهل إلى حلِّه من قبلنا جميعاً من سبيل ؟! وبداية حلِّه معرفة كلٍّ منا مَنْ هو ومعرفة كلٍّ منا مَنْ نحن بالنسبة إليه، واختفى الصوت المتهدِّج على وقع: حسبنا الله ونعم الوكيل.
حلب
18 صفر 1438
18 تشرين2 2016
د. محمود عكام

التعليقات

شاركنا بتعليق