كثيراً ما يُقال اليوم: نحتاجُ إلى تطوير الخطاب الديني. وأنا أقول: نحتاج إلى تعديل المخاطِب والمخاطَب وتأهيلُهما. فالمخاطِب عَدَلَ عن الحكمة والموعظة الحسنة، وهما: المنطق والرِّفق، والمخاطَب عَدَلَ عن التواضع والإنصاف وهو يتلقَّى، وهذا ما نحتاجه في المجال الدِّيني والاجتماعي والتَّربوي والسِّياسي، وليكُن المضمون ما يريد أن يكون، ولكلٍّ رأيه ووجهة نظره، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر: (أَفأَنت تُكرِهُ النَّاس حتى يكونوا مؤمنين) ؟!
ولا أرى مُسوِّغاً – ألبتة – لاتِّهام خطابٍ دونَ خِطاب وتبرئة خطاب دون خطاب، فكلُّ الخطابات في مختلف المجالات ينبغي أن يَسعى مخاطِبوها ومخاطَبوها إلى التَّأهيل والتَّدريب تحت راية "المنطق والرفق والتواضع والإنصاف"، وها هو ذا ربنا جلَّ شأنه يوصي نبيه، بل نبييه "موسى وهارون" إذ أرسلهما إلى فرعون بالحكمة والموعظة والرفق واللين: (فقولا له قولاً لينا...). فعسَاه إن كنتم أهلاً مؤهَّلاً إنسانياً للمخاطبة أن يكون أهلاً للاستجابة، فما بالنا – إذاً – لا نجتهد في الانضواء تحت عنوان: (لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عَنِتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم). وقد قلتُ مرة في اجتماع خطباء حلب: أتمنى وآمل أن يأتيني أهل حيِّ المسجد الذي تخطب فيه أيها الشيخ بعد شهرين أو ثلاثة فيقولوا لنا: لقد جاءَنا خطيبٌ منا عزيزٌ عليه ما عنِتنا حريصٌ علينا بنا رؤوفٌ رحيم، وعندَها فخِطابكم هو الخطابُ الأمثل.
حلب
15/6/2018
محمود عكام
التعليقات