قال لي مرة: الوطن قَتَّال. فأجبتُ نعم كما الحبّ، وكأنِّي بالحب "المجرَّد" و "بالوطن" أحد أهم التَّجسيدات والتَّشخيصات للحب، ولعلَّ ما يقرب قصةً قرأتُها في كتاب قصص العرب، يقول صاحب القصة: "قصدتُ بيمارستاناً للزيارة والاتِّعاظ والاعتبار، فقد مُلئَ بالمجانين، طفتُ هناك عليهم فرداً فرداً، وقد شدَّني أحدهم يُنشد ويقول وهو في زاويته قابع:
إنِّي على العَهدِ لم أُنكِرْ مَودَّتهم يا ليتَ شِعري بِطُولِ الدَّهرِ ما فعلوا
اقتربتُ منه وسألته ممازحاً "على حَدِّ زعمي": أوَما تدري ما فعلوا ؟ فأجاب: لا وأيمُ الحق، فقلتُ – وأنا غير جادٍّ - : لقد ماتُوا. فقال: أبالله ماتُوا ؟! فقلتُ: نعم. فقال: إذاً أموت، وشهقَ شَهقةً فإذا هو مَيِّت.
فبالله قولوا لي: أليسَ الوطنُ قَتَّالاً إن أحدٌ قالَ لكَ أيها المحبُّ وطنه بصدقٍ: لقد دُمِّر الوطن، وأعتقد أن الجواب يمكن أن يكونَ شهقةً أو صرخةً أو وجمةً وبعدها هُمودٌ يشبه الموت، وموتٌ – ربما – فبالله عليكم بشِّرونا عن الوطن، وخبِّرونا عنه أخباراً سارَّة طيِّبة، ولنردد معاً: يا وطني القادم أحلى.
حلب
17/9/2019
محمود عكام
التعليقات