آخر تحديث: الأربعاء 17 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
معيار الهجرة الحقيقية

معيار الهجرة الحقيقية

تاريخ الإضافة: 2022/08/10 | عدد المشاهدات: 468

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

ليست الهجرة ذكرى نُجِلُّها ونُقدِّرها ونُبَجِّلُها من غير أن ننتمي إليها أو نتحقق بها، ليست الهجرة هكذا فحسب، لكن الهجرة حالةٌ تكليفية ينبغي أن نعيشها وأن نتحقَّق بها وأن نصطبغ بصبغتها كما الإسلام والإيمان. أنت مسلم وأنت مؤمن وأنت مهاجر، ينبغي أن لا تنفكَّ عنك صِفة الهجرة كما لا تنفكُّ عنك صفة الإسلام والإيمان. الرسول صلى الله عليه وسلم مُسلمٌ وأنت مسلم تقتدي به وتسعى من أجل أن يكون إسلامك على خطِّ إسلامه، والرسولُ صلى الله عليه وسلم مؤمن، وأنت تسعى من أجل أن تكون مؤمناً على خط إيمان المصطفى صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً مهاجر، فهل سعيتَ أن تكون مهاجراً وأن تكون هجرتك على خطِّ هجرته صلى الله عليه وسلم ؟ نعم أيها المسلمون، نعم أيها المؤمنون، نعم أيها المهاجرون، عليكَ أن تكونَ مسلماً لأن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم دعاكَ إلى الإسلام، والله أمره أن يدعوك فاستجابَ لأمر ربه ودعاك، عليك أن تكون مؤمناً لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعاك إلى الإيمان مستجيباً لأمر ربه، وعليك أن تستجيب لأمره، فاستجابتك لأمره استجابة لأمر الله، والرسول صلى الله عليه وسلم دعاك إلى الهجرة فعليك أن تستجيب فتهاجر تلبيةً لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، والذي دعوتُه من دعوةِ الله عز وجل ومن طلبِ الله عز وجل ومن أمرِ الله عز وجل. وهذه قضية تكليفية، واسمعوا الأحاديث التالية المروية في كتب الصحاح. روى البخاري وأحمد والترمذي ما مجموعه: كان النبي صلى الله عليه وسلم مرةً مع أصحابه فقال لهم: (أتدرون من المسلم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال: المسلمُ مَن سَلِمَ المسلمونَ من لسانه ويده) مِعيارٌ طبِّقه على نفسك. فهل سَلِمَ المسلمون من لسانك ويدك ؟! بِقَدْرِ ما يسلمُ المسلمون من لسانك ويدك بِقَدْرِ ما تتحقَّق بالإسلام. (أتدرون من المؤمن ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: المؤمن مَن أَمِنَه النَّاس على أموالهم وأنفسهم)، فهل أنت يأمَنُك الناس على أموالهم وأنفسهم، وبقدرِ ما يأمنك الناس بقَدْرِ ما أنتَ مُؤمن. أعتقدُ أنَّ هذا المعيار ينبغي أن ننظر إليه صباح مساء. إن كنت تَغُشُّ فالناسُ لا يأمنونك على أموالهم فلستَ بمؤمن، إن كنت تخدع فالناس لا يأمنونك على أنفسهم فلست بمؤمن، إن كنت صاحب فُحْشٍ في القول فلستَ بمسلم لأنَّ الناس لم يَسلموا من لسانك، حاسِب نفسَك على هذا الأساس وعَايِر نفسك على هذا الأساس. ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المهاجر ؟) لم يقُل النبي: المهاجرُ مَن هاجر معي أو خرج من مكة إلى المدينة، (قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: المهاجر من هَجَر ما نهى الله عنه) وفي رواية: (من هجر الذنوب) وفي رواية: (من هجر الخطايا) وفي رواية: (من هجر السيئات). المسلم من سلم الناس، المؤمن من أمنه الناس، المسلم من سلمه المسمون والناس، المؤمن من أمنه المؤمنون والناس، هذا في علاقتك مع الناس، لكن تفحَّص نفسَك وعلاقتك بنفسك وعلاقتك بربك من خلال معيار الهجرة، و(المهاجر: من هجر ما نهى الله عنه)، (من هجر الذنوب)، (من هجر الخطايا)، فهل أنت مهاجر، ابدأ صباحك ويومك، هل أنت ممن يهجر ترك الصلاة إلى الصلاة إذاً بدأتَ يومك باعتبارك مهاجراً، وهكذا في بيعك وشرائك ودراستك ومسؤوليتك ودائرتك، إما أن تكون مهاجراً أو لا تكون، والهجرة هي التي تعطي للإسلام بُعداً وللإيمان بُعداً، فأنتَ بعد أن يَسلَم الناس من لسانك، وبعد أن يأمنك الناس على أموالهم وأنفسهم، تثبت هذا الإسلام في علاقتك مع من أسلمت له، وفي علاقتك مع من آمنت به من خلال الهجرة، (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) ولعل الحكمة حين ربط تاريخنا بالهجرة هذا الذي قلت، أنت تسجل اليوم 7 محرم 1444 هجرية يذكرك كل يوم بوجوب أن تكون مهاجراً، تاريخنا رُبِط بالهجرة وهذا من الحكمة من أجل أن نكون مسلمين مؤمنين مهاجرين، فما بالكم بأشخاص لا يفكرون باليوم الهجري ولا يلتفتون إلى اليوم الهجري ولا إلى الشهر الهجري ولا إلى السنة الهجرية ويعيشون الهجرة ذكرى تأريخية مَرَّت يقدرونها ويبجلونها ويجلونها ولكن من غير أن ينتموا إليه ومن غير أن يتحققوا بالهجرة وصفاً لهم بحسب المضمون الذي بَيَّنه المهاجر الأعظم صلى الله عليه وسلم: (والمهاجر من هَجَر ما نهى الله عنه). هذا هو اليوم الذي أمامك، أنت الآن أمام فِعلة، إن كانت حراماً فاهجرها، وبالتالي لتثبت إيمانك وإسلامك، هذه الفعلة مطلوبة فعليك أن تفعهلها وأن تقوم بها من أجل أن تكون مهاجراً ومن أجل أن تثبت إيمانك وإسلامك، ألا هل بلغت اللهم اشهد، إياك يا أخي، وهذه نصيحة جذرية وأساسية، مطلوب منك أن تكون مسلماً مؤمناً مهاجراً، ذكرى الهجرة تذكرك بالتحقق بالمهاجر، ذكرى الهجرة تجعلك تفكر بأنك مهاجر، ولئن قلت لي: الهجرة الآن لم تعد قائمة، فإلى أي بلد أهاجر ؟ أقول لك: لقد أخطأت الفهم.

الهجرة والمهاجر أن تهجر ما نهاك الله عنه، أن تهجر السيئات، أن تهجر الخطايا، اللهم إني أسألك أن تحققنا بالإسلام ليسلم الناس من ألسنتنا وأيدينا، وأن تحققنا بالإيمان ليأمننا الناس على أموالهم وأنفسهم، وأن تحققنا بالهجرة من أجل أن نهجر ما نهيتنا عنه، وأن نهجر الخطايا والذنوب والآثان، نِعْمَ مَنْ يُسْأَلُ أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 5/8/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

www.akkam.org/topics/5047/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب..

https://www.facebook.com/akkamorg/

التعليقات

شاركنا بتعليق