أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:
بعد يومين سيتوجَّه أبناؤنا وبناتنا إلى مدارسهم. أولاً: أسأل الله الرحمن الرحيم أن يوفقهم وأن يكلأهم بعين عنايته وأن يجعلهم في رحمته وعطائه وإحسانه ومنه.
ثانياً: أتوجه إليهم ناصحاً، والنُّصح قائم على أساسٍ من محبة، فيا أيها الطلاب والطالبات الأعزاء:
أتقنوا عملكم وأعطوا دراستكم حقَّها، واطلبوا العلم بجد، وحصِّلوا منه الكثير الوفير، فإنما أنتم بالعلم، وإنما المجتمعات التي تحتويكم بالعلم، وإنما التقدم والتطور بالعلم: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) نريد تفوقاً، ندعوا لكم بالتوفيق لتتفوقوا، لتدرسوا وتتعلموا، لتُثبِّتوا المعلومات وهذا أولاً.
ثانياً: وصيتي لكم أن تُخلِصوا في تعلمكم ودراستكم أن تُخلِصوا الأمر لله عز وجل: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً)، (إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتُغِي به وجهه) أخلصوا لله، ولا يَستصغِرَنَّ أحدٌ منكم نفسه، فكلكم وقد تجاوزتم من العمر السنوات الست أو السبع إلى العشرين، كلكم تميزون وتدركون وتفهمون وتعرفون فتوجهوا إلى ربكم مخلصين. لا شكَّ أنكم على الأغلب تُصلُّون، وتقولون في الصلاة: (إيَّاك نعبُد وإياك نستعين)، (وما أُمِرُوا إلا ليَعبُدو الله مُخلِصينَ له الدِّين) أخلصوا في تعلمكم لله عز وجل، أخلصوا في دراستكم ورَواحِكم ومَجيئكم، في حضوركم الدرس، في حضوركم المدرسة، أخلصوا لله عز وجل وقولوا لربكم: لا نبتغي إلا وجهك يا ربَّ العباد.
ثالثاً: ضَعُوا أمام أعينكم أن تنفعوا الناس إذ تتعلَّمون، أن تكونوا أداةَ نفعٍ لمجتمعكم، للناسِ الذين هم حولكم ويشكلون مجتمعكم وأسركم، ويشكلون هذا المحيط الذي يحيط بكم: (أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم للناس) هكذا قال سيد الكائنات عليه الصلاة والسلام، (خيرُ الأصحاب عند الله أنفعهم لأصحابه) أريدكم أن تكونوا في مجتمعاتكم أدوات نفع، أن تنفعوا مجتمعكم الذي تعيشون فيه ليكون مجتمع فضيلة وعلم ومعرفة وأمان واطمئنان وسيادة وقيادة وراحة وازدهار وعطاء. اسعَوا لنفع الناس فالإنسان في هذه الحياة إن لم يكن للناس فاللهُ ليسَ له. عليكم أن تُتقنوا وأن تُخلصوا وأن تنفعوا، وأنتم الآن في مُستَهَلِّ الدراسة وبداياتها قولوا بينكم وبين أنفسكم: لئن أحياني الله إلى سنوات قادمة فسأعاهدُ الله على أن أكون نافعاً لمجتمعي، على أن أكون باراً بمجتمعي وأسرتي ومن حولي.
أخيراً: لعلك أيها الطالب تقلق أحياناً وتضطرب أحياناً أخرى وتعيش حالة مُعَقَّدة نوعاً ما حالة ثالثة، لعلك في بعض الأحيان تخشى الانكسار أو تخشى من شيءٍ اسمه المستقبل المظلم، فبماذا أنصحك ؟ أنصحك وأكرر: لا تستصغرن نفسك، أنصحك أن تكون دائماً على صلة بربك، اذكر الله، اجعل لنفسك وِرداً ومَعيناً تستقي منه صباح مساء وهو ذكر الله عز وجل تهليلاً وتكبيراً وتسبيحاً، لقد جَفَّت القلوب ويبست الألسنة واحرورقت تلك الغُدد التي ينبغي أن تفرز راحة وسكينة فأصبحت تفرز قلقاً اضطراباً، فهيا إلى ذكر الله عز وجل، ليكن لك وقتٌ في الليل أو في النهار، لا تنس ذكر الله وأنت ذاهب إلى المدرسة أو عائد منها، لا تنس ذكر الله وأنت تبتدئ الدراسة وتأوي إلى فراشك وأنت تستقبل يومك، وأنت تفتح كتابك، وأنت تلعب أو تبدأ باللعب وأنت تختم اللعب، وهكذا في كل حركة وسكنة اذكر الله عز وجل وها هو الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم يسائل أصحابه ويقول: (ألا أنبئكم بخيرِ أعمالكم وأرضاها عند مليككم، وأرفعها لدرجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرِق، ومن أن تلقوا عدوكم فيضربوا أعناقكم وتضربوا أعناقهم ؟! قالوا وما ذاك يا رسول الله ؟ قال: ذكر الله) اذكروا الله يا أيها الطلاب والأساتيذ، أتوجه إلى الطلاب ومن بابٍ أولى إلى المدرسين والمعلمين الذين هم مسؤولون عن جيلنا، عن أبنائنا وبناتنا، نريدهم أن يضعوا في أذهانهم وفي قلوبهم وعقولهم أنَّ مجتمعاتِنا بحاجةٍ إلى عالِم مُتقن وإلى مخلص وفيّ وإلى رحيم نافع وإلى ذاكر، وقد قلت سابقاً: ذكر الله مَدَدُنا، فلا تقطع هذا المدد عنك يا أيها المسلم: (لا يزال لسانك رطباً بذكر الله) اللهم اجعلنا مخلصين أوفياء متقنين ننفع الناس، نذكرك يا رب العالمين، قياماً وقعوداً وعلى جنوبنا، نِعْمَ مَن يُسأل أنت، ونعم النصير أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.
أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 2/9/2022
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.
التعليقات