آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
وصايا للطلاب والقائمين على العملية التربوية

وصايا للطلاب والقائمين على العملية التربوية

تاريخ الإضافة: 2008/09/12 | عدد المشاهدات: 2910

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون الصائمون:

ونحن نعيش هذا الشهر الفضيل، هذا الشهر الذي يحوي ذكريات جميلة رائعة خصبة، القرآن فيه أنزل، ومعركة الفرقان جرت فيه والفتح الأعظم حصل في أيامه، هذا الشهر له معانٍ عظيمة هو شهر الصبر، شهر المواساة، شهر العطاء، شهر الجود، شهر الرحمة، شهر المغفرة، هذا الشهر شهر التعاون شهر التضامن شهر التباذل شهر الإخاء شهر الأخوة. من خلال تاريخ هذا الشهر وما كان فيه من أمور عظيمة ومن خلال معاني هذا الشهر الراقية البديعة الرفيعة أحببت أن أكلم طلابنا ومدرسينا وموجهينا والإداريين فينا، ومثقفينا في مختلف المستويات التعليم الأساسي والثانوي والجامعي والدراسات وربما تناول حديثي رياض الأطفال أيضاً.

ما دامت المدارس قد فتحت أبوابها منذ أيام والجامعات ستفتح أيامها بعد أيام تعالوا في هذا الشهر العظيم شهر القرآن شهر بدر شهر الفتح شهر القيم والفضائل شهر العمل والنشاط تعالوا من أجل أن نتواصى نحن الذين ننتمي للعلم دراسة، نحن الذين ننتمي للمعرفة تدريساً نحن الذين ننتمي للعلم توجيهاً وننتمي للعلم إدارة، أحببت في هذا اليوم أن أقول لنفسي ولإخواني الذين يعملون في السلك التربوي التعليمي في كل المستويات، أن أقول لنفسي ولهم وصايا وأن أضع في أسماعهم هذه الوصايا، فيا أيها الطلاب ويا أيها المعلمون يا أيها الموجهون يا أيها الإداريون يا أيها المديرون يا أيها المسؤولون في الوزارات التعليمية من تربية وتعليم عالٍ وأوقاف وما شابهه أتوجه إليكم جميعاً بما يلي:

أولاً: فلنجعل من القرآن الكريم محور ثقافتنا وعلومنا، ولنجعل القرآن الكريم مُوجّه ثقافتنا وعلومنا، أريد أن نجعل من القرآن الكريم محور ثقافتنا وعلومنا وأن نجعل القرآن الكريم موجه الثقافة والعلوم، هذا بند أول ودائماً في مثل هذه الأمور أحب أن أبند وأن أقعِّد لأن التبنيد والتقعيد يحمل الإنسان على التنفيذ، فإذا لم يكن الأمر مبنداً ولا مقعداً فلا يمكن أن يكون منفّذاً. إذن الأمر الأول فلنجعل القرآن الكريم ومن جسَّد القرآن الكريم بسلوكه وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم محور ثقافتنا وعلومنا ولنجعل القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وآله وسلم موجه ثقافتنا وعلومنا، قال تعالى: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾، وقال تعالى: ﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً﴾.

ثانياً: نقول لطلابنا إن الجد في الدراسة أساس في ديننا وإن الإتقان والتحضير للدروس أصل أيضاً في معتقدنا وإن التفوق من غاياتنا التي أراد الله عز وجل أن نحققها، هذا ما يقوله ديننا فلقد قال عليه الصلاة والسلام كما يروي أبو يعلى والبيهقي: (إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه) يا طلابنا الجد والتحضير والإتقان والتفوق أمورٌ مطلوبة لا نريد العدول عنها، فلا أريد كما قال بعض المُربّين أن يكون طلابنا في مدارسنا وجامعاتنا مترديةً ونطيحةً وما أكل السبع، لا نريد أن يكون طلابنا في مدارسنا وجامعاتنا ضعافاً بل نريدهم أن يكونوا أقوياء.

ثالثاً: نطالب المدرسين على مختلف المستويات في الرياض في التعليم الأساسي في الثانوي في الجامعات في الدراسات نناشدهم في أن يعطوا الدروس حقها تحضيراً وأداءً، لم يعد المدرسون يعطون الدروس حقها من حيث التحضير ومن حيث الأداء بل أصبح همّ المدرسين ولا أعمم أصبح، همُّ جلِّ المدرسين التوجه للعمل هنا وهناك على حساب التدريس وعلى حساب الطالب ولذلك غدت مدارسنا اليوم تشكو إلى الله خواءً، وتشكو إلى الله فساداً، وتشكو إلى الله تقصيراً من قِبَل أربابها، أيها المدرسون اتقوا الله وأنتم تعطون الدروس وعليكم أن تعطوا الدروس حقها من حيث التحضير، وأنا أعني ما أقول ومن حيث الأداء، فلقد قال سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يروي مسلم: (ما من عبدٍ) وليسمع المدرسون والمديرون والوزراء والمسؤولون (يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يشمَّ رائحة الجنة) وفي رواية (لم يجد رائحة الجنة) المدرسة أمانة في عنقك حضِّر، اطلعتُ على كثيرٍ من المدرسين فلم أجد لديهم تحضيراً وهذا خيانة، ولم أجد لديهم سعياً من أجل أن يعطوا دروسهم حقها من حيث الأداء وهذا خيانة، أتريدون يا إخوتي أن نصوم رمضان ؟ أتريدون أن نقوم رمضان وأن يحرص الواحد منا على صلاة التراويح في المسجد وصلاة التراويح نافلة وسنة، وتريدون بعدها أن يخون المدرسون أماناتهم ؟ أتريدون حرصاً منا على شكليات في رمضان من حيث الصيام الذي هو الامتناع عن المفطرات الحسية فقط ثم بعد ذلك أتريدون أن نرى أساتذتنا ومعلمينا وموجهينا ومديرينا مقصرين ؟ لقد صمنا في رمضان ولكننا في رمضان أيضاً نمنا وكثيرٌ منا نائمون حتى ولو فتحت عيونهم هم إلى النوم أقرب، إلى النوم الذي ليس طريقاً إلى الراحة ولكن إلى النوم الذي يعني الكسل والهمود ويؤدي إلى الضياع.

رابعاً: أتوجه إلى المدرسين والطلاب لأقول أريد أن تكون علاقة الطالب بالأستاذ علاقة احترام، وأريد أن تكون علاقة الأستاذ بالطالب علاقة عطف وأريد أن تكون العلاقة فيما بينهما علاقة رحمة فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كما في مسند الإمام أحمد: (ليس من أمتي) وانظروا كم يخرج من هذه الأمة حتى وإن صمنا (من لم يجلَّ كبيرنا ويعطف على صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) طلابنا لم يعودوا يجلّون الأساتيذ، وأساتذتنا لم يعودوا يعطفون على الطلاب، والطلاب والأساتيذ لم يعودوا يرحم بعضهم بعضا، أصبحنا مفككين.

خامساً: علينا أن نشجع الأبحاث العلمية الجادة، وعلينا أن نكرم المتفوقين والمبدعين، هل العنوان العام في مدارسنا وجامعاتنا هو التشجيع للأبحاث والدراسات ؟ هل التكريم للمبدعين والمتفوقين أم أننا في غفلة عن هذا ولا نشجع الدراسات والأبحاث بل نشجع المال وجني المال إن من حرامٍ أو من حلال ؟! هل نكرّم المتفوقين والذين قدموا في ميدان العلم والمعرفة والمبدعين في هذا المجال أم نكرم أصحاب الجاه والسلطة ؟ إني لأختلط في مجامع مختلفة في بيئتنا هذه فأرى تكريماً من الجميع لذي المال وأرى تكريماً وتقديساً من الجميع لذي السلطة، صحيح أن هذا الذي يكرّم ذا السلطة وذا المال يقول ما أكرمهم إلا لأني خائف منهم وأنا ضعيف أقول له ومن فمك أدينك أين إيمانك بربك ؟ أين إيمانك بهذا الحديث الذي كررناه ألف مرة: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف). 

سادساً: نأمل أن يكون العلم من منطلق الإيمان، أتريدون أن تدللوا على إيمانكم ؟ إذن فتعلموا، العلم برهان الإيمان، إذا كنت تؤمن بالله حقاً فتعلّم وإذا كنت تدعي الإيمان بالله ثم تعرض عن العلم فهذا دليلٌ على أن إيماناً فيكَ يشكو قلةً وضعفاً، يشكو زوالاً وانحساراً، إذا كنت تؤمن بربك هيا فتعلم لأن العلم فريضة، بل من أعظم الفرائض عند الله وفي ديننا لكن العلم اليوم في واقع المسلمين نافلة وهذا إن رفعنا شأن الأمر لكنه في واقع الأمر بعيدٌ بل يكاد أن يكون مكروهاً، أين المتعلمون في منازلنا ؟ أين المتعلمون على أساسٍ من إيمان لأن الإيمان يطلب منهم أن يتعلموا ؟ وأين الإخلاص في التعلم ؟ أين من يريد منفعة البلد الذي يعيش فيه ويريد نفع الإنسان ويريد أن ينفع الوطن ويريد أن ينفع ما حوله ومن حوله ولا يريد أن يكون العلم طريقاً إلى الشهرة أو طريقاً إلى المنصب أو طريقاً إلى أن يستعلي بغير حق وبإثم على الناس ؟ أين هؤلاء المخلصون في تعلمهم ؟ يقول عليه الصلاة والسلام في حديث يرويه الترمذي عن يزيد بن سلمة يقول قلت لرسول الله يا رسول الله قل لي ما يجمع الأمر كله، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اتق الله فيما تعلَم) وفيما تعلم أيضاً وتقوى الله تعني أن تطلب العلم من أجل أن تنفع نفسك ومن أجل أن تنفع بلدك وأن تنفع الناس وأن تنفع الأرض وأن تنفع البسيطة كلها، وأن تكون بهذا العلم قائماً بالقسط وأن تكون بهذا العلم حكماً عدلاً، وأن تكون بهذا العلم معطاءً.

سابعاً: نتواصى وندعو الجميع إلى أن نُعنى بالمرافق العامة وبالأبنية المدرسية، ادخلوا مدارسنا لتروا الجدران موسخة ولتروا الجدران مهشمة ولتروا المقاعد مكسرة ولتجدوا النظافة خاوية ولا وجود لها، من الذي فعل هذا ؟ هل جاءت إسرائيل إلى المدرسة أم نحن الذين فعلنا هذا بأيدينا، طلابنا أو معلمونا أو العاملون في هذه المدارس ؟ من الذي جعل باب المدرسة في حالة غير مستقيمة لا يُعرف مدى حاله هل جاء العدو الأمريكي إلى مدارسنا فمزق وفعل هذه الجرائم وهي جرائم بجدارة وبحق والله لا يحب الفساد ؟ نحن الذي نقرأ القرآن الذي أنزله الله في رمضان ونقرأ فيه ﴿والله لا يحب الفساد﴾ فالذين يفسدون في الأرض سيجعلهم ربي عز وجل في الدنيا خاسرين وفي الآخرة أذلاء فما بالنا نفسد وما بالنا نخرّب، ولذلك نحن نطلب من كل الناس من كل الآباء أن يوجهوا أبناءهم إلى أن العناية بالمدرسة هي من أفضل العبادات والقربات إلى الله وأن العناية بنظافة المدرسة هي العبادة التي تعدل الصوم والصلاة لأن الجنة لا يدخلها إلا كل نظيف ولأنه من يخرّب في طرق المسلمين ومرافقهم العامة فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين، هكذا قال سيدي رسو الله صلى الله عليه وسلم.

أيها الطلاب أيها الأساتذة أيها الموجهون أيها المسؤولون في كل مجال نناشدكم الله أن تكونوا على مستوى شهر الصيام إن كنتم من أهل الصيام، أو أن تكونوا على مستوى الحضارة الإسلامية إن لم تكونوا مسلمين، أو تكونوا على مستوى الأنبياء الذين تتبعونهم نناشدكم الله أن تستشعروا أن هذا الوطن أمانة وأن العلم أمانة في أعناقنا وأن المعرفة أمانة في أعناقنا وأن المرافق كلها أمانة في أعناقنا، فيا طلابنا ويا شبابنا هذه وصايا هي في عددها سبع ولكنني أريد أن تجعلوها في صدوركم وأن تكون ماثلة أمام أعينكم وأن تنطلقوا في عملكم منها ومن خلالها فهي مأخوذة من شرعنا المجيد، من قرآننا العظيم، من شهرنا الفضيل، من صيامنا وصومنا، من كل هذا الذي نؤمن به.

اللهم إني أسألك بحق من قبلت صيامه وقيامه أن توفق طلابنا للدراسة والعلم والمعرفة، وأن توفق الأساتذة والمعلمين والموجهين من أجل حسن التوجيه والعلم والتحضير والعطاء وأن توفق المسؤولين في هذه القطاعات من أجل أن يكونوا مستشعرين لمسؤولياتهم وبالتالي من أجل أن يكونوا قائمين حق القيام بهذه المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقهم تقبّل يا ربنا هذا الطلب منا بحق الصيام والقيام والقرآن وما كان في رمضان، نعم من يسأل أنت ونعم النصير أنت أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ: 12/9/2008

التعليقات

شاركنا بتعليق