أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:
تظللنا ذكرى ولادة الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومن الوفاء بالذكرى أن تتعرف أمة صاحب الذكرى على حقوق هذا النبي الأعظم عليها، من الواجب عليك ومن الوفاء بالذكرى أن تتعرف وأن تعرف حقوق صاحب الذكرى محمد صلى الله عليه وسلم عليك أنت أيها المسلم، وأن تقوم بتأديتها، وإلا فالوفاء للذكرى مخدوش، والأمر مع الذكرى جِدُّ ناقص.
حق المصطفى علينا أن نعرفه من مصادر موثوقة، وأريد أن أركز على هذا الأمر على حق معرفتنا محمداً صلى الله عليه وسلم، ينبغي أن نتعرف على هذا الذي أُنزل عليه القرآن، على هذا الذي أرسله الله عز وجل إلينا وإلى الدنيا كلها حقاً، ولا يكون هذا التعرف إلا إذا قصدنا المصادر الموثوقة، لأنني ألمح اليوم تعرفاً على النبي من مصادر غير موثوقة، إما من أحاديث موضوعة، أو من قصة لا أصل لها، أو من منام أو من رؤيا رآها فلان أو فلان، أو من كتاب ليس له كبير اعتبار حتى ولا صغير اعتبار، وهذا ما ألمحه أحياناً على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الحالات وعلى الرسائل، لذلك حق المصطفى علينا أن نتعرف عليه من مصادر موثوقة، والمصادر الموثوقة القرآن الكريم أولاً، علينا أن نتعرف على النبي صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم، فما الذي يمنع أن تقرأ ختمة من القرآن الكريم وأنت واضع في ذهنك أن تجمع الآيات المتعلقة بالنبي صلى الله عليه وسلم والتي تعرف هذا النبي الأكرم، ما الذي يمنع، أنت تقرأ القرآن الكريم اجعل ختمة في شهر ربيع الأول تتعرف من خلالها على شخصية النبي صلى الله عليه وسلم كما وردت في القرآن الكريم، هنالك آيات كثيرة تتعلق بسيرة وصفة وحقيقة وطبيعة رسالة هذا النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم واليوم لا أرى هذا الذي أقول ولا أرى هذا الذي أدعو إليه ويكتفي المسلمون اليوم من حيث معرفتهم النبي بما يقرؤونه على وسائل التواصل الاجتماعي أو بما يسمعونه في الاحتفالات التي قد تؤدي نتيجة عكسية عما نريد أن تؤدي إليها.
المصدر الموثوق الآخر: صحيح السنة، هنالك أحاديث كثيرة صحيحة في الكتب الصحيحة عرف النبي صلى الله عليه وسلم نفسَه بنفسه وقدم شخصيته من خلال أحاديثه التي وردت في هذه الكتب فاقرؤوها، هنالك حديث مثلاً يقول فيه النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (أنا محمد، أنا أحمد، أنا الحاشر يحشر الناس على قدمي، أنا العاقب والعاقب من لا نبي بعده) وهكذا ثمة أحاديث كثيرة وفيرة غزيرة تعرفكم على النبي صلى الله عليه وسلم فتوجهوا إليها.
المصدر الثالث: كتب السيرة الصحيحة، واسألوا أهل العلم، وليسأل كل منكم عالماً أو طالب علم يثق به عن كتاب في السيرة موثوق، فهل ترانا يقرأ أحدنا كتاباً في السيرة في شهر ربيع الأول ليعرف أو ليعمق معرفته بالنبي صلى الله عليه وسلم، أم تكتفون بحضور الحفلات التي تحتوي على أناشيد وكلمة أو عدة كلمات مختصرة وتكتفون بذلك.
يا أمة الحبيب الأعظم، حق الحبيب الأعظم عليكم أن تتعرفوا عليه، أن تعرفوه: (أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون) وأن تتعرفوا عليه من مصادر موثوقة، ولطالما سمعت من كلمات تلقى في بعض المساجد ومن حالات تسجل على وسائل التواصل ومن قنوات تلفزيونية ومن إذاعات أثيرية ومن صحف لطالما سمعت كلاماً وتوصيفاً للنبي صلى الله عليه وسلم لا يَمُتُّ في حقيقته إلى النبي الأكرم، فلماذا هذا الإمعان في سلوك السبل التي لا توصف بالعلم ولا بالتوثيق ولا بالتحقيق، لماذا هذا التقصير حيال النبي صلى الله عليه وسلم حيال معرفته التي هي حق له علينا ؟ هذا هو الحق الأول.
الحق الثاني: الحب، ولقد ذكرنا في أسابيع سلفت أحاديث تتعلق بفرضية حب النبي علينا: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ومن الناس أجمعين)، (أنا أولى المؤمنين بأنفسهم)، أحبوا رسول الله، لكن لن يكون هذا الحب حقيقياً إلا إذا بني على معرفة، عندما تختل المعرفة سيختل الحب، وسيكون ادِّعاءً أو سيكون بعض حركات لا تمتُّ إلى حقيقة الحب بِصِلة. نحن لا نمنعُ الاحتفال، ولكن نقول: هل تؤدِّي هذه الاحتفالات إلى نتيجةٍ مَنشودة مَطلوبة، وهي أن نعرفَ حُقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم علينا وأن نقوم بتأدية هذه الحقوق وأن نرعى هذه الحقوق وأن نسعى من أجل أن نتحقق بها خير تحقق، إن كانت هذه الاحتفالات تؤدي إلى تلك النتيجة فَبِها ونعمت، وإلا أعيدوا النظر أيها المنظِّمون لهذه الاحتفالات وأيها الحاضرون هذه الاحتفالات لأننا لا نريد صورة من غير حقيقة ولا نريد جسماً من غير روح.
لن أسرد كل الحقوق سأجعلها لخطب لاحقة ولكنني أركز على هذه الحقوق فأفرد في كل خطبة حقاً أو حقين حتى نتحقق وحتى نتمثل وحتى نكون أوفياء في أداء حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا نحن من نقول: رضينا بمحمد نبياً ورسولاً، نحن الذين نقول صباح مساء: وأشهد أن محمداً رسول الله، فهل عرفت محمداً هذا الذي تشهد بأنه رسول الله هذا ما نصبو أن نتحقق به وأن ندعو إليه وأن نمارسه ونحن نعيش الذكرى في شهر الذكرى وفي سائر أشهر السنة، اللهم إنا نسألك أن يكون حالنا حال معرفة وحال حب لهذا النبي الأعظم.
يا من يُثير حَماستي بجماله عُذراً إذا شاهدتَ ضعف لساني
اللهُ يعلمُ كم حرَّكتَ في خَلَدي من ذكرياتٍ وكم هيَّجتَ أشجاني
كم في دروبك من دربٍ أصختُ له كأنَّه بحديث الأمس ناجاني
لبَّيكَ مِلء فمي لبيك ملء دمي لبيك لبيك من قلبي ووجداني
أقولُ هذا القول وأستغفر الله.
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.
التعليقات