آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا -2-

حقوق النبي صلى الله عليه وسلم علينا -2-

تاريخ الإضافة: 2022/10/15 | عدد المشاهدات: 418

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

الذكرى، والذكرى العظيمة بشكل خاص إن لم يصحبها وإن لم يُغلِّفها تذكُّر وتذكير فستبقى كسحابة صيف تمر من غير ما إفادة، ولا زالت ذكرى مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم تحفُّنا وتظللنا ونعيشها، فما التذكُّر وما التذكير الذي يجب أن يُقرَن معها ؟ قلنا في الأسبوع الماضي: فلنتذكر ولنذكر بحقوق صاحب الذكرى صلى الله عليه وسلم علينا. وبعد التذكُّر والتذكير علينا أن نسعى من أجل أن نقوم بتأدية هذه الحقوق خير قيام، وذكرنا حقين: الأول التعرُّف عليه من مصادر موثوقة، والحق الثاني أن نحبه.

الحق الثالث: الاتباع. قال الله عز وجل: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وقال الله عز وجل: (لقد كان لكم في رسول الله أُسوة حسنة)، ودعانا النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث وأكثر من قول إلى اتِّباعه: (لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هَواه) فضلاً عن عمله وقوله (حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به). الله قال: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) ونحن نقول: نحن نأتسي ونتأسَّى بالنبي صلى الله عليه وسلم، ونقول: نحن نقتدي ونتَّبع النبي عليه الصلاة والسلام، فهل هذه الكلمات ذات دلالة واحدة: القدوة والأسوة والاتباع ؟ هنالك فرق بين التأسي والاقتداء والاتباع. ثمة قضية هامة يجب أن نُعيرها أفكارنا وانتباهنا.

قلت في يوم من الأيام: القُدوة أن تقتنع بقيادية وأستاذية هذا الإنسان، أن تقتنع بعقلك بأنَّ هذا المعلم يستحقُّ الاقتداء به، وبأن هذا يوجهك، أما الأسوة أن تقتنع بعقلك بقيادية هذا الإنسان وأستاذيته وأن يحبه قلبك، ولذلك كان النبيُّ أسوةً لنا فوق القدوة، لم يكن النبي قدوة وإنما كان أسوة، تقتنع بقياديته بعقلك ويحبه قلبك. أما الاتباع: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني) لم يقُل فاقتدوا أو تأسَّوا، علماً أنه أسوة، الاتباع أن تتأسى بهذا الذي اقتنعت بعقلك بقياديته وأحبَّه قلبك، أن تأتسي به باستمرار وبشكل شامل، فإن تأسَّيت به في لحظة ما فلستَ متبعاً، وإن تأسَّيت به في قولٍ دون فعل فلستَ متبعاً، الاتباع هو التأسِّي المستمر الشامل، ولذلك نحن حينما نتحدث عن الاتباع نقول: الاتباع في الأقوال والأفعال والأحوال والأخلاق والحركات والسَّكنات، ما لم تتأسَّ بالنبي بشكلٍ شامل في كل سلوكك فلن تُسمَّى متبعاً، وعلى ضوء هذا المعيار هل أنت تأتسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤون حياتك، في بيعك وشرائك وأسرتك وتعليمك وتعلمك ومهنتك وتجارتك وسياستك وعسكريتك.... إن كنت تأتسي بالنبي في كل هذه المساحات فأنت متبع شريطة أن يكون الائتساء في هذه المساحات مستمراً ومتابعاً، اليوم ائتساء وغداً ائتساء وبعد غد ائتساء، ونسأل الله أن تكون الخاتمة على أساس التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم. ضعوا هذا المعيار عندكم، من الملاحظ، ولا نقول هذا من باب النقد ولا التجريح ولكن من باب التوصيف، فنحن نتحدَّث عن المرض ولا نتحدث عن المريض، ما بالنا في شهر ربيع الأول، لا أقول نأتسي ولكن نَدَّعي فضلاً عن أن نتأسَّى حقيقة، ما بالنا في شهر ربيع الأول وفي بعضٍ من شهر ربيع الثاني ندَّعي التأسِّي ولا نمارسه في باقي الشهور، لا أتكلم عن الكل ولكن أتحدث بشكل مُجمَل عن مجتمعاتنا، في شهر ربيع الأول يُدَّعى التأسِّي ويُدَّعى الاقتداء ويُدَّعى الاتباع ولكن هذا غير قائم وغير متحقق في حياتنا، فأين التأسِّي وأين تحققك به ؟! أنت تردد وتقول:

يا هذه الدنيا أَصِيخي واشهدي          إنذَا بغيرِ مُحمَّدٍ لا نقتدي

ولكن هل أنت فعلاً لا تقتدي بغيرِ محمد ؟! وهل أنت فعلاً تقتدي بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟! قل هذا السؤال في نفسك، فهل أنت أولاً تقتدي، وهل أنت تأتسي، وهل أنت تتبع ؟ أم أن القضية قضية حسابية فقط، أم أنها في الظاهر بَهْرَجة وزينة وكلام وإنشاء فحسب. راجعوا أنفسكم، نحن أمة حقيقة وحال وعمل: (وقل اعملوا) تلك حقيقتنا كما يجب أن تكون وليست الحقيقة التي نحن عليها، وليست حقيقة. هذا المعيار الذي ذكرته على أسماعكم وأفكاركم وعقولكم وقلوبكم. الحق الثالث للنبي صلى الله عليه وسلم علينا الاتباع، وها قد فرقت بين الاقتداء والائتساء والاتباع، ضعوا هذا في أذهانكم ثم انظروا أنفسكم: هل أنتم مُقتَدون، هل أنتم مُؤتَسون، هل أنتم مُتَّبعون ؟ أتراني لو سألتك: هل أنت مُتبع للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تسمع هذا الكلام، لا شك أنك ستقول نعم، أنا أتبع النبي، والنبي روحي فِداه، ولكن بعد أن سمعتَ هذا الذي قلت: هل أنت متبع على سبيل الاستمرار وعلى سبيل الشمول ؟ أظن أن الجواب إن أجيب وإن قيل سيكون مخجلاً. أمام حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت كلمةُ لبيك تُقال من قبل الصحابة الكرام للنبي صلى الله عليه وسلم من كل ذراتهم، ونحن اليوم نقول: (لبيك) في نشيدنا وفي حفلاتنا ولكن شتان بين لبيك هذه وبين لبيك تلك. قال النبي مرة يجرب أحد أصحابه: اذهب فاقتل أباك. فولى الرجل، فاستدعاه النبي وقال له: عُد، فوا الله إني لم أبعث قاطع الرحم، جَرَّبه فنجح في التجربة.

ولستُ أبالي حين أُقتَلُ مُسلماً      علي أيِّ جَنبٍ كانَ في الله مَصرَعي

وذلك في ذاتِ الإله وإن يشأ          يُبارِك على أوصالِ شلوٍ مُمَزَّعِ

قلت لكم هذا منذ أسابيع كثيرة ستبقى نتحدَّث عن صاحب الذكرى في ربيع الأول وربيع الثاني وجمادى الأولى وجمادى الثاني ورجب وشعبان ورمضان لأن هذه الأسوة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في كل يوم وفي كل صباح ومساء نكرر ونقول: وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً رسول الله، وأشهد أن محمداً نبيِّي ورسولي، رضيتُ بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً ورسولاً، ولن يكون هذا الرضا إلا إذا تأسَّيت واتَّبعت، والتأسِّي ضِمناً اتِّباع، اللهم اجعلنا ممن يتحقَّقون بالتأسي والاتباع، نِعمَ مَن يُسألُ أنت، ونعم النصير أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 14/10/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/gakOoZoUd9/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق