آخر تحديث: الثلاثاء 03 ديسمبر 2024      
تابعنا على :  

خطبة الجمعة

   
أركان تعظيم الله تعالى

أركان تعظيم الله تعالى

تاريخ الإضافة: 2023/01/27 | عدد المشاهدات: 598

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

قلنا إن الله جعل فيك دوافع، وعليك أن تشبع هذه الدوافع، ومن جملة هذه الدوافع التي فيك دافع التعظيم، فكيف تشبع هذا الدافع، وبعبارة أخرى: مَن تُعظِّم ؟ كيف تُشبِعُ هذا الدافع ؟ تدخَّل أصحابُ المكر والخداع، المتآمرون على الإنسان والإسلام، تدخَّلوا فاشتغلوا على هذا الدافع من أجل أن يحولوه عن مساره، هذا الدافع الذي لديك (التَّعظيم) حوَّلوه عن مَساره وحَرَّفوه عن هدفه، فقالوا لك: عظِّم كذا، عظِّم فلاناً، عظِّم الرياضة والفن والشخصية الفلانية، والأصل وبحسب الفطرة، وبحسب دافع التعظيم، ينبغي أن يتوجه إلى تعظيم الله جل شأنه، وإلى تعظيم مَن أمرنا الله أن نعظمه، (ومَن يُعَظِّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) فيا أيها الناس: من أجل أن تختبروا إيمانكم وأن تتأكدوا من صحة إيمانكم، انظروا دوافعكم، وانظروا دافع التعظيم في داخلكم، مَن تعظمون ؟ إن كنت تعظم غير الله وغير شعائر الله فقد انحرفتَ عن طريق الإيمان حتى ولو كنت صائماً مصلياً، إذا رأيت نفسك في هذا الدافع وقد انحرفَ عن مساره فعظِّمَ ما لم يُعظم الله عزَّ وجل، وما لم يأمرنا ربنا أن نُعظِّم فإيمانك في خطر، وهذا ما أخاف الشباب عليه في هذه الأيام، فيا شباب ديننا ويا شباب أمتنا ويا رجال هذا الجيل: انتبهوا إلى هذا الذي أقول، فهو أمر دقيق يشتغل عليه أعداء الله وأعداء الإنسان، فهم لم يقولوا صراحة لا تُعظِّم الله ولكنهم سيشغلونك عن الله وسيحاولون أن يغيروا اتجاه هذا الدافع بأسلوب خادع ماكر تصرف عليه الأموال، فانتبهوا.

قال لي أحد المصلين: حدثتنا عن أركان تعظيم القرآن، فحدِّثنا عن تعظيمنا ربنا، ما هي أركان تعظيم الله ؟ كيف تعرف بأنك تعظم الله عز وجل. هناك أمور تأكد هل أنت متحقق بها.

الركن الأول: الإيمان به وبوجوده قطعاً، من دون تردد ومن دون شك، لا أريدكم أن تشككوا بمجرد أن قال لكم فلان بأن الله تعالى موجود أو غير موجود، قضية وجود الله عز وجل أضحت باعتراف العقلاء في العالم كله، باعتراف الإنسان حيثما وجد الإنسان إذا ما أعمل جزءاً من عقله أضحى أمراً بدهيا، كما تقول: "الكبير أكبر من الصغير، والصغير أصغر من الكبير"، هذه بَدَهيَّة فوجود الله بدهية طبعية إنسانية ليس فيها أدنى شك وأدنى ريب: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله) والله عز وجل موجود فعلاً فعليك أن تؤمن به قطعاً، قال صحابي للمصطفى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله: قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ؟ قال: (قل آمنتُ بالله ثم استقم).

الركن الثاني: أن توحِّده التوحيد المطلق: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)، (لا إله إلا أنا فاعبدني)، وحده: (قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد) هكذا التوحيد المطلق ليس ثمة شريك ولا مثيل ولا شبيه، عليك أن توحِّده ومن أجل أن يستقر هذا التوحيد في عقلك وقلبك الزم كلمة التوحيد دائماً، حيثما تحركت أو جلست فقل: (لا إله إلا الله)، (يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فَقِنا عذاب النار) دائماً قل: لا إله إلا الله محمد رسول الله عليها أحيا وعليها أموت وعليها أعيش وعليها أتوكل وأعتمد، ليكن لسانك رطباً بذكر الله وبتوحيده.

الركن الثالث: عبادته، العبادة القيام بالذي أُمرتَ أن تقوم به على أنه عبادة صرفة، التي هي الصلاة والصيام والزكاة والحج: (قل إن صلاتي ونسكي محياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين) عبادة الله ركن من أركان تعظيمه. إن أردت أن تمتحن نفسك هل أنت تعظم الله فانظر عبادتك، انظر صلاتك وصيامك وزكاتك وحجك، وانظر إلى إخلاصك فيها، وانظر إلى إخلاصك في الصيام والزكاة والحج، (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، أقيموا الصلاة، آتوا الزكاة بإخلاص، وخضوع وخشوع.

الركن الرابع: طاعته، والطاعة غير العبادة، العبادة هي القيام بالعبادات الصرفة، أما الطاعة فالتزام الأوامر، فيما سوى الصلاة والصيام والزكاة والحج، التزام الأوامر واجتناب النواهي: (وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) (وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين). وأريد أن تكون هذه الأركان مركوزة في عقولكم وفي قلوبكم، تلك قضية مَصيرية، صحيح أن الإسلام يسر، لكنه في الوقت نفسه دين يقوم على الحسم، ويقوم على الحزم، ولا يقوم على التردُّد، لا يمكن أن تقول آمنت وفي داخلك شيء من الشك يفسد إيمانك، لذلك عندما أتحدث عن تعظيمك ربك لا بد أن تدرك هذه الأركان لتتحلى بها وتتحقق بها.

الركن الخامس: حُبُّ الله، (والذين آمنوا أشد حباً لله)، (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) محبة الله ركن من أركان تعظيم الله جل وعلا.

خطر ببالي أن أنقل لكم نُكتَةً لغوية تدل على تعظيم أجدادنا وأسلافنا وعلمائنا لربهم عز وجل. في الإعراب عندما نقول: "أكل الرجل التفاحة"، وإعراب التفاحة مفعول به، عندما أقول: اعبدوا الله، اعبد فعل، وكلمة (الله) حسب اللغة الإعرابية مفعول به، لكن علماءنا من أجل التعظيم يقولون: (الله) اسمٌ منصوبٌ على التعظيم. عندما يُعربون قوله تعالى: (ربِّ اغفر)، اغفر فعل أمر، عندما يعربون كلمة اغفر يقولون فعل رجاء، انتبهوا إلى هؤلاء كيف كانوا يتحرَّون الأمر من أجل أن يبقى تعظيم الله في قلوبهم لا حَدَّ له، عندما يعربون قوله تعالى: (ليس كمثله شيء) الكاف يعربها النحاة زائدة، لكن علماءنا يقولون الكاف صلة، انتبهوا إلى دقة تعظيمهم من أجل أن لا يشوب هذا التعظيم شائبة، صَغُرت صَغُرت صَغُرت مهما كان حجمها في الصِّغر، أفتنتبهون أنتم إلى هذا، أم أنكم تتكلمون عن الله عز وجل كما يتكلم أحدكم عن جاره أو صديقه بحجة أن الله غفور رحيم، الله غفور رحيم بلا شك، وسيغفر لك وسيرحمك، لكن كن أديباً مع ربك، كن معظماً ربك، علِّم مَن حولك أن يعظموا ربهم حيثما كانوا وحيثما وجدوا، أرأيت إلى ولدك إذ يقصر في تعظيمك أو في تعظيم أبيك أو أستاذه، هذا ملحوظ في ذهنك، وأنت تحاسب ولدك على ما تلحظه في ذهنك، هيا فحاسب نفسك وحاسب ولدك على ما تلحظه في هذا التعظيم الذي هو أمر كينوني تقوم حياتنا وإيماننا وإسلامنا وعقيدتنا عليه، اللهم إني أسألك بحق من عظَّمت، وبحق عظمتك وبحقِّ من أمرتنا أن نعظم يا رب العالمين أن تجعلنا من المعظمين لك، نِعْمَ مَن يُسأل أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 27/1/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/ijpF1A-gZA/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق