آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
علامات حب الله تعالى -1-

علامات حب الله تعالى -1-

تاريخ الإضافة: 2023/02/04 | عدد المشاهدات: 299

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

أيها الإنسان أن تحب بشكل عام هذا مؤشر على إنسانيتك، وأن تحب عظيماً فهذا دليل على عنايتك بإنسانيتك، وإذا أحبك عظيم فهذا دليل على عناية إلهية بك، فانظر من تحب، وانظر من الذي يحبك، وأعتقد كما تعتقدون أن ليس ثمة أعظم من الذي خلقك فسوَّاك، ومن الذي أنشأك، ومن الذي جعلك على صورته جل وعلا، فهل أنت تحبه وهو الأعظم، ستقول لي: نعم، السؤال التالي: هل هو يحبك ؟ أنت تدعي بأنه يحبك، ولن أناقشك، سأجعلك تتكلم بصدق، لكن هل هو يحبك، حتى تتجلى العناية الإلهية بك حماية ورعاية، ستقول لي: اما هذا فلا أعرف. أقول لك: عليك أن تبحث وتحقق، هل هذا الخالق الأعظم يحبك، إن كنت لا تعلم فثمة علامات أريد أن أعرضها عليك، إن كنت متحققاً بهذه العلامات فاعلم بأن الله يحبك، وحينها فيا هناءك ويا سرورك ويا سعادتك.

العلامة الأولى إذا كنت تحبه فعلاً فهو يحبك، هل تريد أن تعرف فيما إذا كان الخالق الأعظم يحبك، جاء رجل إلى الإمام الحسن البصري رضي الله عنه فقال له: يا إمام كيف أعرف مكانتي عند الله ؟ قال له الإمام الحسن البصري: انظر مكانة الله عندك. ما احببته إلا لأنه أحبك فأحببته، فالفضل منه وإليه، (ما كان الله ليفتح على عبدٍ باب الدعاء ويُغلق عليه باب الإجابة)، ما كان ليوفقك لمحبته ويُغلق عليك ويمنع عنك محبته لك، لكن المشكلة هنا هل أنتَ تُحبه فعلاً ? وهنالك تجارب في الحياة تدل على ذلك. وكما قلنا في الأسبوع الفائت: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره) هل تفضل ربك، هل تفضل الله في قلبك على ولدك: (لا يؤمن أحدكم حتى أكونَ أحبَّ إليه من والده وولده)، هذا بالنسبة لرسول الله، ومن باب أولى بالنسبة لله جلَّ وعلا: (حتى أكون أحب إليه من والده وولده ومن الناس أجمعين ومن نفسه التي بين جنبيه)، قلت لكم فيما سبق الحب حبان: حب عقلي يفرز اتباعاً وحب قلبي يفرز تضحية، فهل أنت تضحي من أجل الله بمالك، هل تضحي من أجل الله بما تملك، هل تضحي وتعتقدُ بأنَّ الله عز وجل هو الذي يُخلف عليك، إذا أحببته فهو يحبك، هذه علامة، وقديماً قال مَن قال:

وإذا اعتراكَ الشَّكُّ في وِدِّ امرئٍ           وأردتَ تعرفُ حُلوهَ من مُرِّه

فاسأل فؤادك عن ضمير فؤاده           يُنبِيك سِرُّك كُلَّ ما في سره

ما عندك عند الآخر، وكما قلت لك أيها المسلم: انظر مكانةَ الله عندك، إذا كنت تحب الله فعلامةُ عالية، وعلامةٌ مؤكَّدة على أن الله يحبك، هذه هي العلامة الأولى.

العلامة الثانية: انظر نفسك هل أنت مُوفَّقٌ للطاعات بإخلاص، هل أنت موفَّق للطاعات بشكلٍ مُخلِص، بإخلاص، هل أنت مُوفَّق للنوافل والفرائض، وما أعني بالنوافل الصلاة فقط أو الصيام فقط، وإنما أعني النوافل في كل مَساحة الحياة، الطاعات، في الصدقات في إعانة الناس، في إغاثة الملهوف، في تلبية نداء الجار، في خدمة الوطن، في خدمة الأرض، في التطلع إلى نصر على أعداء الله عز وجل، في دعائك، لمن تدعو ؟ هل تدعو لنفسك فقط أم تدعو للمسلمين، أم تدعو لإخواننا في فلسطين، أم تدعو لكل مظلوم، أم تدعو لكل مريض من إخوانك المسلمين من إخوانك في الأرض في مساحة الكرة الأرضية، إذا كنت موفقاً للطاعات والنوافل، فريضتِها، فرائضِها ما يتعلق منها بالفرائض والنَّوافل فاعلم بأن الله يحبك: (وما يزال عبدي) هذا حديث قدسي صحيح، (وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرك الذي يُبصِر به، ويده التي يَبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذَ بي لأعيذنه)، انظر نفسك. يروى أن مَلِكاً أو أميراً كما يذكر الشعراني في كتابه "تنبيه المغترين" أن امرأة جارية لأحد الملوك أو الأمراء بعد أن ختمت نهارها بخدمته قالت له: هل بقي شيء ? قال لها: لا، اذهبي، فذهبت وقامت تُصلي، وكان قد اضطجع هو في نفس المكان الذي تُصلِّي فيه هذه الجارية، وإذ به يسمعها في سُجودها تقول: اللهمَّ بحُبك لي أعطني، اللهم بحبك لي كذا، اللهم بحبك لي كذا، سَمِعَها، فالتفتَ إليها بعد أن انتهت وقال لها: يا فلانة، غَلِطتِ، لأنك قلت: اللهم بحبك لي، وهل تعلمين بأنه يحبك ؟ قولي: اللهم بحبي لك، قالت له: والله إني لأعلم بأنه يحبني، ولولا حبه لي لما أيقظني وأنامك.

يروي الغزالي في كتاب "إحياء علوم الدين" أن الله عزَّ وجل أوحى إلى نبيٍ من أنبياء بني إسرائيل، نُسب إلى داود، ونُسب إلى موسى، قال: يا داود، أو يا موسى: مَن زعم بأنه يحبني ثم افتقدتُه ليلاً فاعلم بأنه كذاب، أما رأيت بأن الحب يحب أن يخلو بحبيبه، وأنا في كل ليلة أنزل إلى السَّماء الدنيا فأقول: هَل مِن مُستغفر فأغفر له، هل من مُستَرزق فأرزقه، هَل هَل هل من  كذا حتى يطلع الفجر، فيا أخي ولا سيما أنتم أيها الشباب: هل تحبون الله، هل يحبكم الله ? انظروا هذه العلامة الأولى والعلامة الثانية، إن تحققتم بهاتين العلامتين فثقوا بأن الله يحبكم، وإذا أحبكم الله عز وجل فيا طوباكم ويا هناءكم ويا سروركم.

أيها الإخوة: نحن لا نتكلم إنشاءً، ولا نتكلم بلاغة من دون تبليغ، وإنما نتكلم وننهل من بحر حقائق جاء بها القرآن الكريم، وجاء بها النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، هيا إلى العاطفة الإيجابية النظيفة، هيا إلى حب يعبر عن إنسانيتكم، وإلى حب عظيم، يُعبِّر عن إنسانيتكم وعنايتكم بإنسانيتكم، وهيا من أجل أن تحصُدوا حبَّ الله لكم، فإن تحقق ذلك فاللهُ عزَّ وجل - كما قلتُ لكم - سيكون معكم معيَّة حماية وعناية ورعاية. سنكمل علامتين أخريين في الأسبوع القادم اللتين تدلان على أن الله يحبك فعلاً، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 3/2/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/isZpMuUu5z/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق