آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
برهان الإيمان وأثره

برهان الإيمان وأثره

تاريخ الإضافة: 2012/03/02 | عدد المشاهدات: 4295

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

رحم الله شهداءنا وحمى أوطاننا من كل مكروه.

أيها الإخوة:

عندما يسأل الواحد منا آخر يقول له: من أنت على سبيل المثال ؟ أو ما عملك ؟ أو ما الذي تريد أن تكون ؟ أو ما سوى ذلك من الأسئلة.

إن أجابك هذا الذي سألته عن عمله فقال إنه طبيب. طلبتَ منه الأثر، ما الأثر الذي يدل على أنه طبيب ؟ الأثر أنك ستلقى هذا الإنسان يعالج ويداوي ويدخل العيادة والمستشفى إلى ما سوى ذلك ؟

عندما نسأل أنفسنا هل نحن مؤمنون ؟ الجواب من كلنا: نعم نحن مؤمنون، عندما أسألك أنت هل أنت مؤمن ؟ ستقول لي نعم أنا أومن بالله وأومن بمحمد على أنه رسول من الله وأومن بالقرآن على انه كلام الله. السؤال الملحق: ما أثر الإيمان بالله عز وجل، أريد أن أرى عن هذا الذي تقول عن نفسك تتصف به أثراً، فما أثر إيمانك بالله ؟ ستقول لي: وهل للإيمان أثر ؟

لكل شيء حكم كما يقول الأصوليون والحكم هنا بمعنى الأثر، أثر البيع أن تنتقل ملكية الثمن إلى البائع وملكية البضاعة إلى المشتري، أثر الزواج ان تكون المرأة حلاً للرجل وأن يكون الرجل حلاً للمرأة، فما أثر الإيمان ؟ فهل تحققت بهذا الأثر وهل سرى عليك هذا الأثر ؟ وإلا إن لم يكن للإيمان أثر فما فائدة الإيمان ؟ إن لم يكن للبيع أثر فما فائدة البيع ؟ إن لم يكن لعقد الزواج أثر فما فائدة عقد الزواج ؟ ما أثر الإيمان بالله علي ؟

أقول لك: للإيمان آثار كثيرة ولكن للوهلة الأولى من آثار الإيمان أن يأمنك هذا الذي بجانبك فهل أنت تسرِّي الأمان على من بجانبك ؟ روى أحمد بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) أثرٌ من آثار الإيمان، واليوم نحس بأننا مؤمنون من غير آثار ندعي بأننا مؤمنون لكن لا أثر طبيعي ولا أثر منتجاً لهذا الذي نقول، يقول صلى الله عليه وآله وسلم كما في سنن أبي داود: (الإيمان قيَّد الفتك لا يفتك مؤمن) أي المؤمن لا يعرف الغدر، وفي رواية (الإيمان قيْدُ الفتك لا يفتك مؤمن) عدم الغدر من آثار الإيمان، جاء في سنن الترمذي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ملعون من ضارَّ مؤمناً أو مكر به) إن مكرت بمؤمن أو أضررت بالمؤمن فأنتَ - ولا أخاطب من أمامي - ملعون، هذه بعض آثار الإيمان فهل هذه الآثار بادية علينا ؟ ما أظن أيها الإخوة وحتى نكون صرحاء نريد لهذا المنبر الذي أسسه قائدنا وحبيبنا وأعظم خلق الله على الإطلاق محمد صلى الله عليه وآله وسلم نريد لهذا المنبر أن يأخذ دوره في تثبيت الإيمان وفي إراءة آثاره وفي حض الناس من أجل أن يظهروا آثار الإيمان على قلوبهم، يا ناس يا أمة الإسلام يا أمة محمد محّصوا أنفسكم الآن حصحص الحق هل أنت مؤمن أم لا ؟ إن أجبت نفسك بأنك مؤمن فسل نفسك عن آثار الإيمان التي يجب أن تتبدى عليك (ذمة المسلمين واحدة فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرفٌ ولا عدل) لا فريضة ولا سنة، هكذا يقول معلمنا وقائدنا وحبيبنا ومصطفى ربنا عليه الصلاة والسلام كما في البخاري ومسلم، أما نحن فنقوم بنقض ذممنا وننتهك ذممنا، صباح مساء، يا ناس بعض آثار الإيمان بالله هذا الذي قلت.

أنت تقول أيضاً أنك تؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، أثر الإيمان محمد أن تحتكم إلى سنة محمد، أن تقتدي بمحمد، أن تأتسي بمحمد، من أسوتك ؟ تقول محمد لكنك تقول هذا باللسان، من قدوتك ؟ محمد باللسان تقول هذا، أثر الإيمان بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم أن تقتدي به: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً﴾ وها أنذا أقدم لكم محاكَماً على هذا الأساس: أنا أعلن اتباعي واقتدائي بمحمد، أريدك يا هذا أن تنصحني من خلال هذه الأسوة من خلال صحة الكتاب وانتمائي لهذا المبعوث الأعظم صلى الله عليه وسلم.

أذكركم بما قاله سيدنا جبريل عن محمد صلى الله عليه وسلم كما جاء في الترمذي بسند حسن عندما أُتي في ليلة الإسراء بالبراق استصعب البراق على محمد صلى الله عليه وسلم فخاطب البراقَ جبريلُ فقال له: أبمحمد تفعل هذا ؟ والله ما ركبك أحدٌ قط أكرم على الله من محمد.

أثر الإيمان بمحمد أن نحتكم إلى محمد إلى دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن تقتدي بمحمد، لماذا تتعثر ؟ لماذا تحتار وأمامك القدوة والأسوة ؟ لماذا تجادلني قل لي بكل وضوح هذا ما يفعله محمد صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الموقف عند ذلك سأقول لك سمعاً وطاعة لأني اتخذت النبي قائداً وأسوة، لكن عليك أن تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا بسند صحيح وارتباطٍ صحيح، وبالتالي: ﴿فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون﴾، وأصبح العالم اليوم بكل مفرداته من أهل الذكر، فهذا يحكم على هذا لأنه حضر درسين أو ثلاثة عند الشيخ الفلاني لأنه يستمع ويشاهد في التلفاز الدروس للشيخ الفلاني: ﴿فاسألوا أهل الذكر﴾ في العلم الشرعي وثمة أهل الذكر في ميدان الطب وثمة أهل الذكر في ميدان الهندسة وهكذا دواليك، وفيما يخص هذه القضية سل أهل الذكر، أريد أن تحاكمني من خلال النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأن تنصحني من خلال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، سيدي رسول الله اتخذتك قائداً وقدوة واتخذتك هادياً اهدني سبل الرشاد بهدي ربك لك، أنت شفيعي وأنت وسيلتي وأنت قائدي وأنت أسوتي وأنت مرجعي وأنت موئلي وأنت ملاذي، ومن خلالك يا سيدي أذعن للحق الذي أراه ويلوح به من يديك لا من سواك، أثر الإيمان بالرسول الاقتداء والاتباع والتأسي.

أما أثر الإيمان بالقرآن، وأنت تؤمن أن القرآن كتاب الله وكلامه وأنا أومن أنه كلام الله، أتريد أن يشفع لك القرآن ؟ نعم كلنا يريد أن يشفع له القرآن، والقرآن يشفع كما جاء في الحاكم يقول القرآن يوم القيامة أي رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، وعندما قرأت هذا الحديث وقد قرأته مرات ومرات منذ أزمنة خطر ببالي: منعته النوم بالليل، هل فقط أنت في الليل تقرأ القرآن الكريم وبالتالي منعك القرآن من أن تنام أم أنك تفكر بالقرآن في الليل ؟ صدقوني أنني عندما أضع رأسي لأنام أفكر بالقرآن وأفكر في أن يوفقني ربي في أن تستظل كل مواقفي وكل كلماتي وكل أفعالي بظل القرآن لأنني أحب القرآن لأنني آمنت بالقرآن لأنني اعتقدت بأن القرآن كلام الله، وأدعو لكل المسلمين من أجل أن تستظل أفعالهم وأقوالهم ودعواهم بظل القرآن الكريم وأن تنتسب للقرآن الكريم، أي رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، منعته النوم في الليل يفكر من أجل أن تكون سلوكاته وفق القرآن الكريم من أجل أن تكون أفعاله على خط وهدي القرآن الكريم، من أجل أن تكون أقواله كذلك، فهل تفكر في الليل بالقرآن وتفكر في أن يكون القرآن هاديك وسبيلك وطريقك وحاضنك وحاضن أفعالك وحاضن سلوكك وحاضن كلماتك وبسماتك وإشاراتك، أنت الذي إن سألتك عن القرآن هل تؤمن به ستقول نعم أومن بالقرآن كتاباً من عند الله: ﴿وبالحق أنزلناه وبالحق نزل﴾ فهل تسعى من أجل أن تستظل بظلال القرآن عبر أفعالك وأحوالك وأخلاقك وسلوكك بالله عليك.

عندما تُرى آثار الإيمان بالله وآثار الإيمان برسول الله وآثار الإيمان بالقرآن الكريم عندها ارفعوا أيديكم إلى الله بالدعاء فسيستجاب لكم، عندما نتوب إلى الله مما كنا عليه لنكون مؤمنين تتجلى آثار الإيمان بالله والإيمان برسول الله والإيمان بالقرآن علينا سيقبل الله دعاءنا وسيجيب دعاءنا بلا شك، الآن ندعو ويستجيب لنا ربنا لكن لكل شيء سبب وسنة، والله عز وجل لا يغير السنن التي وضعها ربنا لنا: ﴿ولن تجد لسنت الله تبديلاً﴾، ﴿ولن تجد لسنت الله تحويلاً﴾ عندما يُرى أثر الإيمان علينا سيستجاب دعاؤنا، توبوا إلى الله من لحظتكم هذه وليقل كل واحد منا بينه وبين نفسه: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم. هذه التوبة كان يقولها سيدي رسول الله في المجلس أكثر من مئة مرة (رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم) يا ناس تصوروا أن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا الدعاء في مجلسه أكثر من مئة مرة كما في الحديث الذي يرويه أصحاب السنن عن ابن عمر رضي الله عنه، في لحظتكم قولوا هذا وتوبوا رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، سأتوب يا رب من أجل أن تتبدى آثار الإيمان بالله وآثار الإيمان برسول الله وآثار الإيمان برسول الله وآثار الإيمان بالقرآن الكريم علي، وبعد التوبة توجهوا إلى ربكم بقلوبكم وقولوا له: يا غياث المستغيثين يا مأمن الخائفين يا ملجأ الضعفاء يا عماد من لا عماد له يا سند من لا سند له يا ذخر الضعفاء يا كنز الفقراء يا عظيم الرجاء يا ربنا يا مولانا يا غاية رغبتنا نسألك ألا تشوي خلقنا بالنار نسألك أن ترحمنا نسألك أن تحفظنا نسألك أن ترزقنا الأمن فيما بيننا نسألك أن تدحض الباطل وأهله نسألك أن تنصر الحق وأهله نسألك يا ربنا أن تحفظ أولادنا نسألك أن تحفظ عقولنا وعقول أولادنا نسألك يا رب أن تحفظ مساجدنا نسألك يا رب أن تحفظ هذا الذي نعيش فيه وطننا نسألك وأنت تعلم ما تعلم علمك بحالنا يغني عن سؤالنا استجب لنا يا ربنا لأننا تبنا يا رب وقررنا التوبة من أجل أن تتبدى معاني وآثار الإيمان بك علينا وآثار الإيمان برسولك علينا وآثار الإيمان بكتابك علينا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 2/3/2012

التعليقات

شاركنا بتعليق