آخر تحديث: الثلاثاء 23 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
عناوين المجتمع المنشود (الصَّالح الربَّاني) – 2-

عناوين المجتمع المنشود (الصَّالح الربَّاني) – 2-

تاريخ الإضافة: 2021/12/10 | عدد المشاهدات: 628

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

تحدَّثنا وسنتابعُ الحديث عن سِمات وصفاتِ عناوين المجتمع الصَّالح المنشود. ما المجتمعُ الذي نريد أن يكون، ما صفاته ؟ قلنا في الأسبوع الفائت: صفات المجتمع الرباني الصَّالح المنشود هي:

عُبودية لله صادقة، عِلمٌ ومعرفة، فضيلة وخُلُق، حُرية ووَعي، سلامٌ وأمان، عَدالة وإنصاف، تكافل وتراحم. هذه هي الصفات التي نبتغيها محققة في مجتمعنا الصالح الرباني. شرحنا السِّمة الأولى في الأسبوع الفائت، وأَجِدُني اليومَ مضطراً لأن أشرح السمة الأخيرة لحاجتنا ولضرورة الحديث والشرح عنها، ولضرورة تأكيد تحقيقها في مجتمعنا اليوم ألا وهي التكافل والتراحم.

الرسول صلى الله عليه وسلم وضع لنا ما يجب أن نكون عليه من حيث تطبيق هذه الصفة، ما أثر هذه الصفة، كيف يكون شكل المجتمع إذا طُبِّقت هذه الصفة في المجتمع. الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضوٌ تَداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسَّهَر). والسؤال الآن وهو مطروحٌ عليكم: هل مجتمعنا اليوم هو على شاكلة هذه الصورة، هل مجتمعنا اليوم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر ؟ أعتقد أننا لسنا على هذه الصيغة. كيف نحقق هذه الصيغة ؟ الكلام كثير، لكنني سأتطرق إلى شكلية، إلى تساؤل، إلى لَفْتٍ لنا، أن ألفِتَ نظري ونظركم إلى هذه السبيل التي يمكن من خلالها أن نحقق لمجتمعنا صفة التكافل والتراحم ونصل إلى الصورة المبتغاة التي وضعها أمامنا لوحةً رائعة سيد الناس محمد صلى الله عليه وسلم.

أريدُ منك يا أخي في المساء، في كل ليلة أن تحاسب نفسك، أن تحاسبها على نوعين من الواجبات: أن تحاسبها على الواجبات الشرعية الدينية، وأن تحاسبها على الواجبات الشرعية الاجتماعية، تقول لنفسك مساء: هل صليتُ، وهذه (واجبات شرعية دينية)، هل صُمت، هل قرأتُ القرآن، هل ذكرتُ الله عز وجل... لكن الأهمَّ اليوم أن تحاسبَ نفسك على الواجبات الشرعية الاجتماعية، تقول وتقف في خَلوةٍ صادقة فاحصة ممحصة، تقول لنفسك: هل نصرتُ مظلوماً اليوم، هل تصدقتُ اليوم، هل زرتُ مريضاً اليوم، هل أغثتُ لهفاناً اليوم، هل ذهبتُ إلى فقير من أجل أن أُعينه، هل تكلمتُ كلمة طيبة، هل نظرتُ إلى يتيمٍ نظرةَ حنان وعطف، هل تفقدتُ بيت عائلة وقَعَتْ في شَرك الجوع، هل وصلتُ رَحِمي، هل تفقدتُ أقربائي، هل أَمَطتُ الأذى عن الطريق، هل أعطيتُ مَنْ هو بجانبي نصيحةً شرعية حقيقية، وكان هدفي في هذه النصيحة ابتغاء وجه الله عز وجل دون غَرَضٍ آخر يَمتُّ إلى النفس بصلة، هل عطفتُ على صغير، هل احترمتُ كبيراً، هل قدَّرتُ رجلاً عالماً، هل، هل ... هنالك أسئلة اجتماعية عليك أن تسائل نفسك عنها، , أريدك يا أخي وأنت الذي تملك (الهاتف النقَّال) أو إن كنت لا تملكه وتملك قلماً وورقة، أريدك أن تسجل هذا لتعطي العلامة لنفسك في مدى سعيك لتطبيق وتحقيق ما أسمته أنا بسمات المجتمع الصالح، لماذا لا نحاسب أنفسنا على الواجبات الشرعية الاجتماعية، قد نحاسب أنفسنا على الواجبات الشرعية الدينية، أنا لا أشك في أنا قد نحاسب لكنني أعتقد ويعتقد كثير منكم معي أننا لا نحاسب أنفسنا إلا لماماً، إلا قليلاً، وقليلاً جداً على الواجبات الشرعية الاجتماعية، والصحابة الكرام الجيل الرائد كان يُحاسب نفسه على الواجبات الاجتماعية الشرعية، وكانوا إذا جلسوا أو سهروا يتدارسون فيما بينهم هذه التساؤلات، فيقول الواحد للآخر بلطف ورفق : هل فعلتَ كذا ؟ أعني هل تصدَّقت ؟ فيُجيبه الآخر: نعم، جزاك الله خيراً، أو جزاك الله خيراً ذكرتني فسأعوض في اليوم التالي عما قصرت فيه في يومي وهكذا دواليك.

أخي المسلم: هل تفعل هذا بالله عليك، إذاً كيف ترجو وتأمل أن نصل إلى ما رسمه لنا سيد الكائنات كالجسد الواحد وأنت لا تعرف الذي بجانبك، هل تفقَّدت جارك، هل سألتَ عن جارك: (والله لا يُؤمن، مَن بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم) ولا تقل لي: أنا لا أعلم، فعندما تريد أن تعلم ستعلم، وأنت تعلم بالقوة، هناك علمان: علم بالفعل وعلم بالقوة، والدليل على ذلك أنك تعرف دَخائل جارك، وتعرف عورات جارك، وتطلع على نقائص جارك لتمتلك مخزوناً يسمى المخزون الكيدي. لا يا إخوتي، أنا أضع هذا الأمر أمانة في عنقي وأمانة في أعناقكم، أنت لا تعرف الذي بجانبك وهو يصلي معك الصلوات الخمس، أنت لا تعرف، ولا تريد أن تعرف، لا سيما إذا وجدته بحاجة إليك: (من نفَّس عن مسلم كربة من كُرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه) أضع هذا في أعناقكم مسؤولية، وعليكم وعليَّ أن أقوم بالتطبيق فكلامٌ وعلمٌ ومعرفةٌ من غير تطبيق ومن غير تحقيق على الأرض سيكون هذا العلم حجة علينا يوم القيامة.

اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد وأصحاب محمد وأتباع محمد أن توفقنا من أجل أن نتحقق بالتكافل والتراحم حقاً وصدقاً، وسعياً صادقاً لتحقيق ذلك، نِعْمَ مَن يُسأل أنت، ونِعمَ النَّصير أنت، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 10/12/2021

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/9PnmKFk2ji/ 

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق