آخر تحديث: الجمعة 19 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
عناوين المجتمع المنشود (الصَّالح الربَّاني) – 3-

عناوين المجتمع المنشود (الصَّالح الربَّاني) – 3-

تاريخ الإضافة: 2021/12/17 | عدد المشاهدات: 645

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

لا زلنا نشرح تلك المعالم التي يمتاز بها المجتمع الرباني الصَّالح المنشود ألا وهي: عُبودية لله صادقة، العِلم والمعرفة، الفضيلة والخُلُق، الحُرية والوَعي، السلامٌ والأمان، العَدالة والإنصاف، التكافل والتراحم. شرحنا وبيَّنا المعنى الأول والأخير وها أنذا أبين السِّمة الثانية أو المعلَم الثاني: "العلم والمعرفة"، ولا أريدُ يا إخوتي في هذا الموقف أن أتكلَّم عن العلم في الإسلام، وعمَّا جاء به الإسلام في حق العلم بشكلٍ عام، لكنني ارتأيت أن أحدثكم بشكل عام عن ضرورة وفريضة طلب العلم عندكم لدِينكم. عن فريضة تعلُّمِكم دينكم، لأننا أهملنا هذه الفريضة، على كل واحد منا أن يتعلم دينة، أتُرانا نطبِّق هذه الفريضة فيتعلَّم كُلٌّ منا دينه ؟! تسألني أنت: وما الذي يجبُ أن أتعلَّمه من ديني وأنا لستُ طالب علم شرعي ! أنا مهندسٌ، طبيب، تاجر، عامل.... لا أَمُتُّ إلى العلمِ الشَّرعي بِصِلة. هذا صحيح ولكن الذي يجب أن تتعلمه من دينك وأنت لست طالباً شرعياً، لست طالباً للعلم الشرعي هو ما يلي:

أولاً: عليك أن تتعلم مبادئ أو أركان الإيمان، لأن الإيمان لن يكون كاملاً لديك، بل لن تتحقق بالإيمان إلا إذا آمنتَ بأركان الإيمان، ولن تؤمنَ بأركان الإيمان حقَّ الإيمان إلا إذا عَلِمتَ وتعلَّمت هذه الأركان.

ثانياً: الأخلاق: لأنه لا فرقَ بينك وبين هذا الطالب الذي يدرس في المدارس العلمية الشرعية من حيث وجوب التخلق بأخلاق الدين الحنيف، ولأننا لم نتعلم الأخلاق الإسلامية وجدتنا مُهمِلين للأخلاق تعلماً وبالتالي تطبيقاً، فأخلاقنا ليست على مستوى الأخلاق حتى في حَدِّها الذي يُسمَّى الحد الأدنى للنجاح.

ثالثاً: الأحكام الشرعية التي تلامس وتخصُّ وتتعلَّقُ بعملك، بالطب إذا كنت طبيباً، بالهندسة إن كنت مهندساً، بالتجارة إن كنت تاجراً، بالصِّناعة إن كنتَ صناعياً، بالزراعة إن كنت مزارعاً وهكذا دواليك. عليكَ أن تتعلَّم الأحكام الشرعية المتعلقة بالزوجية إن كنت زوجاً، بالأبوة إن كنت أباً، بالأمومة إن كنتِ أماً... وهكذا دواليك، لذلك ركزت على هذا الأمر لأننا اليوم لم نعتبر هذا العلم فريضة ولا واجباً، حتى ولا مندوباً، ومن هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما تعلمون: (طلبُ العلم فريضة على كل مسلم) هل تستشعر هذه الفرضية والفريضة وأنَّك أنت مخاطَبٌ بها ؟! أعتقد أن فترة زمنية طويلة مرَّت علينا لم نستشعر فيها هذه الفرضية ولم نستشعر بأننا مفروض علينا أن نتعلم. (على كل مسلم) والشُرَّاح يقولون ومسلمة، والرسول صلى الله عليه وسلم رغَّبك في العلم فقال: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) هل تبحث عن الجنة ؟ هناك طريق مُيسَّر ومُسهَّل ومُعبَّد، هيا فاسلكه، هو هذا العلم الذي هو فريضة عليك أيها الإنسان المسلم. الرسول صلى الله عليه وسلم شجَّع الصحابة على ذلك وقال: (إنه سيأتيكم بعدي أقوامٌ يطلبون العلم، رحِّبوا بهم وحَيُّوهم وعَلِّموهم) أقوام مختلفون في اختصاصاتهم وتوضُّعاتهم الاجتماعية، لكنهم يطلبون العلم، رحِّبوا بهم وحيُّوهم وعلِّموهم، لكننا أمة لا تقرأ ولا تكتب. جاءَ شاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إني لأسمعُ منك الحديث فيُعجبني، ولعلَّ هذه الحالة تنطبق علينا جميعاً، لكننا لم نُطبِّق الحَلّ. يا رسول الله: إني لأسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه. هذا شأنُ الكثيرين، نأتي الخطبة نسمعها تُعجبك لا تحفظها. ماذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم ؟ هل قال له: إن حفظته فبِها ونِعمت، وإن لم تحفظه فلا يؤثر هذا الأمر، لا، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (استعِن بيمينك) وأومأ للخطِّ، يعني اكتب، سجِّل. منذ أكثر من أربعة عشر قرناً يحضُّنا النبيُّ الأعظم سيد العلماء والمتعلمين، سيد السادات، يعلمنا التوثيق، وثِّق، (استعن بيمينك) هذا القلم من أجل ماذا ؟ اليوم أصبحنا نعادي القلم. قل لنفسك: هل كتبتَ منذ يومين أو ثلاثة أو أربعة أيام، هل استخدمتَ القلم، واللهُ أقسم بالقلم (ن. والقلم وما يسطُرون) هل استخدمتَ القلم من أجل أن تثبِّت معلومة ؟! أنا لا أتَّهم أحداً ولكنَّني أصفُ واقعاً نعيش فيه، مَن منكم يوصِّف المعلومة ويوثِّقها ويثبتها ؟! هل تستعينون أيها الشباب يا أصحاب الهواتف النقَّالة، هل تستعينون بالتوثيق لمعلومة صحيحة سمعتموها، إن حال سماعها أو بعدَ أن تذهبوا إلى بيوتكم.

ويسألني سائل ويقول لي: عمَّن آخذ العلم ؟ أقول ابحث عن الموثِّق المحقِّق المدقِّق، لأنَّ ابن سيرين كما روى مسلم، وابن سيرين من التابعين، قال: "إن هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم" أما اليوم فدينكم يا شباب، أنا أعلم وهكذا أسمع وتُسمعونني، تأخذون دينكم من هذه الشَّبكة، من وسائل التَّواصل، يسألني أحدهم سؤالاً ثم يقول لي: ولقد قرأتُ في هذه الوسيلة من وسائل التواصل ما يخالف ذلك ! وهل أنت يا أخي - وبرجاء - ممن ينقُل، وهل عرفتَ هذا الذي نقلتَ عنه، وهل توثَّقتَ، وهل تأكَّدت ؟ أصبحَ هذا الهاتف مصدر معلوماتنا، أصبحت الشابكة أو الشبكة أو (النت) سموها كما شئتم، أصبحت المصدر الذي نتعلم منه بسهولة ويسر، فيكفي أن أكون حيثما أكون لأقوم بفتح هذه الشابكة وآخذ على حدِّ زعمكم لآخذ منه ما أريد: "إنَّ هذا العلم دين، فانظروا عمَّن تأخذون دينكم" عن موثق محقق مدقق، وهذه هي الشروط وليست الشروط أن تأخذها عمَّن تحب أو يتعلق به قلبك، خذ العلم عن موثق محقق مدقق.

يا إخوتي بلَّغتُكم فيما يخصُّ العلم، وما خطبة الجمعة بشكل عام إلا تجلٍّ من تجليات طلب العلم الشَّرعي الواجب عليكم وعلينا جميعاً، فإيانا وإياكم أن نستهين بخطبة الجمعة وأن نعُدَّها من الأشياء الثانوية، أو التي إن حضرناها فَبِهَا ونِعمَت، وإن لم نحضرها فالأمر لا يؤثر لأنها عبارة عن جلسة لا تعدو أن تكون جلسة تسلية في أحسن أحوالها ربما. أنا لآ أعمِّم، ولكن أصفُ بعض الحالات التي تعترفون وأعترفُ بوجودها. أسألُ العليَّ القدير الرحمن الرحيم أن يوفِّقنا للقيام بفرائض فرضها علينا جلَّ وعلا، نعم المولى هو ونعم النصير، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 17/12/2021

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/9Yr2QG78Q7 /

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق