آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
عناوين المجتمع المنشود (الصَّالح الربَّاني) –7-

عناوين المجتمع المنشود (الصَّالح الربَّاني) –7-

تاريخ الإضافة: 2022/01/18 | عدد المشاهدات: 515

 

أما بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

لا زلنا في سلسلة سِمات المجتمع الربَّاني الصَّالح المنشود، هذه السِّمات: عُبودية خالصةٌ لله عز وجل، العِلم والمعرفة، الفضيلة والخُلُق، الحُرية والوَعي، السَّلام والأمان، العَدالة والإنصاف، التكافل والتراحم. وخُضنا في الأسبوع الفائت عُبابَ السِّمة التي تُدعَى: السَّلام والأمان، وقلنا إن السَّلام والأمان يُشكِّلان جُذور الإسلام والإيمان، فالإسلام مُشتَقٌ من السَّلام، والإيمان مُشتَقٌ من الأمان، فأصلُ فعل (آَمَن) المجرَّد (أَمِنَ)، وأصلُ فعل (أَسْلَمَ) المجرَّد (سَلِمَ). تحدَّثنا عن المجتمع من حيثُ السلام وقلنا: إنه مجتمع مُسلِمٌ سَالم مُسالِم. أما من حيث الأمان والذي اشتُقَّ منه الأمان، والأمان بالنسبة للإيمان يُشكِّلُ الجذر والأساس الذي يستند عليه الإيمان، فلا إيمانَ من غير أمان، وإذا لم يكن الإيمان مشتقاً من الأمان فلا إيمان. مجتمعٌ مؤمِن آَمِنٌ ومؤمِّن ومؤمَّن أو إن شئتم قلتم، وهذا ما يجيزه علماءُ اللغة اشتقاقاً: مؤمِنٌ آمِنٌ مؤامِن أي (مؤمِّن ومؤمَّن)، أي يأمَنُ بعضُهم بعضاً.

مجتمعٌ مؤمِنٌ: يتمتع بالإيمان بأركان الإيمان، يؤمن بالله وبملائكته وبكتبه وبرسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى، وهذه في ديننا تُدعى أركان الإيمان. مجتمعٌ مؤمِن يؤمِن بأركان الإيمان. أنت تقولُ من أجل أن تُسمَّى وتدعى مؤمناً تقول هذه الأركان خالصةً من قلبك تُعبِّر بها بلسانك لكن المعنى ينبض به قلبك.

مجتمعٌ آمِن: مطمئن، آمن لأنه مؤمن، ألم يَعِدِ اللهُ عَزَّ وجَلَّ المؤمنين بالأمن حين قال: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) أنتَ آمن لأنَّك مؤمن، مَن آمن ولم يَلبِس ويخلط ويمزج إيمانه بظلم فالله وعده أن يعطيه الأمن، مجتمع آمِن لأنه يعبدُ الله عزَّ وجَلَّ بإخلاص: (فليعبُدوا ربَّ هذا البيت. الذي أطعمهم من جوع. وآمنهم من خوف) مجتمعٌ آمِن لأنَّه يذكرُ الله، ما دمتَ مؤمناً فعليكَ أن تذكر الذي آمنتَ به رباً، وآمنتَ به رازقاً، وآمنتَ به خالقاً، وآمنتَ به معافياً، وآمنتَ به معطياً، وآمنتَ به جباراً، وآمنتَ به قهَّاراً، أنتَ آمن إذ تذكرُ الله لأنَّ الله إذ تذكره يُطَمئِنُ قلبك: (الذين آمنوا وتطمئنُّ قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب). آمِنٌ لا اضطرابَ ولا قَلَق ولا ضَجَر، لا فوضى ولا حِراكَ داخلياً يَنُمُّ عن اضطرابٍ يعيشُه الإنسان في ذهنه وقلبه، فإذا ما قَلِقتَ واضطَّربتَ وعشت فوضى في ذهنك وعقلك فاعلم بأنَّ إيمانك يحتاجُ إلى تمحيص، لأنَّ المجتمع المؤمن مجتمع آمن، واليوم أرى قلقاً واضطراباً ينتابُ قلوبَ أبنائنا وشبابنا ورجالنا، أعيدوا النظر في إيمانكم، لأنه مع الإيمان لا اضطراب، بل اطمئنان (وتطمئنُّ قُلوبهم بذكرِ الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

مجتمع مؤمنٌ آمِنٌ مؤامِن (مؤمِّن ومؤمَّن) يأمنُ أفراده بعضُهم بعضاً، إذا كنتَ لا تأمنُ جارَك فمجتمعك ليسَ بمجتمع الأمان، وبالتالي ليس بمجتمع الإيمان: (المؤمنُ مَن أَمِنهُ الناس على دمائهم وأموالهم) وفي رواية: (من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) مجتمع مؤمنٌ آمِنٌ مؤامِن (مؤمِّن ومؤمَّن) يأمن أفراده بعضُهم بعضاً، يقول سيد المؤمنين الآمنين المطمئنين: (من أكلَ طيباً وعَمِل في سُنَّة، وأمِنَ الناسُ بوائقه دخل الجنة) أَمِنَ الناسُ شروره، هل يأمَنُ الناسُ شرورك ولو كانت صغيرة ؟! هل تأكل طيباً ؟! هل تعملُ في سُنَّة وليسَ في بِدعة ؟! هل تعملُ ضمن مسيرة الاتِّباع للنبي صلى الله عليه وسلم ؟! مجتمع مؤمنٌ آمِنٌ مؤامِن (مؤمِّن ومؤمَّن): هل يأمنُ بعضنا بعضاً ؟ سؤالٌ امتحاني لإيماننا، هل يأمن أحدنا الآخر، هل يأمن كلنا كلنا، هل يأمن الواحد منا جاره أم هو في حالة توجس من أخيه، من جاره، من صديقه، من زميله، من هذا الذي يصلي بجانبه، من الذي يعمل بمتجر بجوار متجره وهكذا... ويقول صلى الله عليه وسلم، واسمعوا - أيها الأحبة – لأن القضية تمسُّنا، لأن القضية نحتاج أن نتعرف من خلالها على أنفسنا، نحن من خلال ما نقول لا نبتغي إلا أن نشخص وجودنا المعنوي، حقيقتنا، أنت تذهب إلى الطبيب من أجل أن يفحصك لتطمئن على جسدك وهذا أمر رائع، أفلا يجدر بك أن تطمئنَّ على وجودك المعنوي، على حياة قلبك وعقلك وروحك.

بالنسبة للمجتمع المؤمِّن يقول صلى الله عليه وسلم: (من خَرَج على أمتي يضربُ برَّها وفاجرها ولا يتحاشا من مؤمنها، ولا يَفِي لذي عهدٍ عهده فليس مني ولستُ منه) أمور ومعايير ينبغي أن تقوم قائمةً في أذهاننا، فعلى هذا الذي ذكرنا هل مجتمعنا مجتمع أمان وسلام، مسلم سالم مسالم، مؤمن آمن مؤامن ؟ أسأل الله عزَّ وجل أن يوفِّقنا لمجتمعٍ رباني صالحٍ تتحقَّقُ سِماته وتتجلَّى صفاته خيرَ تَجَلٍّ علينا وعلى كل مَنْ مَعنا وعلى كل الذي يُجاورنا ويُلاصقنا، إنه سميعٌ مُجيب، أقولُ هذا القول وأستغفر الله.

أُلقِيت في جامع "السيِّدة نفيسة عليها السلام" بحلب الجديدة بتاريخ 14/1/2022

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/aCSJ-to5ag /

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

التعليقات

شاركنا بتعليق