آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
وصايا ومناشدات من وحي العودة إلى المدرسة

وصايا ومناشدات من وحي العودة إلى المدرسة

تاريخ الإضافة: 2023/09/01 | عدد المشاهدات: 257

أمَّا بعد، فيا أيها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

سألني شاب: كيف أكون شخصية ؟ قال لي: أحب أن أكون شخصية، فكيف لي ذلك ? أجبته: وهل هناك شخصية أعظم من هذه الشخصية التي هي محمد صلى الله عليه وسلم ? إذاً ما عليك إلا أن تتعرَّف على مقوِّماتها، وعليك بعد التعرف أن تتحقَّق بهذه المقوِّمات، وستكونُ شخصيةً بلا شك، ولكن دعني ألخِّص لك مُقوِّمات الشخصية المنشودة العظيمة الكبيرة، مقومات الشخصية يا أيها السائل ثلاثة مقومات: (الإيمان بالله، عز وجل، الأخلاق، العلم) ثلاثة مقومات تُكوِّن الشخصيةَ المنشودة، وقد تكاملت هذه المقوِّمات واكتملت في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم (آمن الرسولُ بما أُنزِل إليه من ربه)، (وإنَّك لَعَلى خُلُقٍ عظيم)، (وعَلَّمَك ما لم تكُنْ تعلم وكان فضلُ الله عليكَ عَظيماً)، (وقل رَبِّ زِدني عِلماً) ولا أريد - يا سائلي - أن أحدِّثك اليوم عن الإيمان والأخلاق، ولكن أريد أن أحدِّثك عن العلم، لا سيما وأننا على أبواب بدءِ العامِ الدِّراسي الجديد، والذي سيُقبِل فيه طلابنا على مدارسهم ومعاهدهم وجامعاتهم، فيا أيها الطلاب ويا أيها الأولياء ويا أيها القائمون على المدارس والمعاهد ويا أولئك الذين تعمَلون في مُختلف قطاعات المجتمع: أدعوكم إلى التحقُّق بالعلم، لأن العلم مُقوِّمٌ أساس من مُقوِّمات الشخصية، العلمُ - رَدَّدنا صِغاراً - يَرفُعُ بُيوتاً لا عِمادَ لها والجهلُ يهدِمُ بُيوتَ العِزِّ والكَرَمِ، فتعلَّموا يا أبناءنا واجتهدوا في التعلم، فالعلم ركن شخصيتك المنشودة العظيمة، فالعلم أساس المجتمع الذي يريد أن يكون مُزدَهِراً، يريد أن يكون ناهضاً، يريد أن يكون مُتقدِّماً، يريدُ أن يكون مُستَعلياً بحقٍّ وجَدارة، يريد أن يكون أسوة لسائر المجتمعات الأخرى. الاسلامُ حَضَّ على العلم. يا أبناءنا، يا طلابنا: تعلموا، (طَلَبُ العِلم فريضةٌ على كل مسلم) هكذا قال سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، (إنَّ الملائكة لتضعُ أجنحتها لطالب العلم رِضىً بما يطلب) أتريد للملائكة أن تضع أجنحتها لك ؟ إذاً اطلب العلم أيها الشابّ، أيها الطالب، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لأن تغدُو فتعَلَّم (أي تتعلَّم) باباً من العلم خير من أن تصلِّي ألف ركعة) حتى الكبار أخاطبكم: تعلَّموا من أجل أن يقتديَ بكم الصِّغار، أيها الآباء وإن كنتم تعمَلون في مختلف المهن والصناعات والتجارات خَصِّصوا وقتاً للتعلُّم من أجل أن يأتسي بكم أبناؤكم وأقرباؤكم ومَنْ حولكم، على المجتمع أن يُشَجِّع العلم وأن يُشجِّع طلاب العلم، وأن يُشجِّع طلاب المدرسة، وأن يُشجِّع مَن يذهب إلى المعهد، ومن يذهب إلى الجامعة من أجل أن ينهل العلم الصحيح المفيد النافع، يقول عليه الصَّلاةُ والسلام لأصحابه من بابِ الحضِّ على العلم والتشجيع على تشجيعِ طلاب العلم: (إنه سيأتيكم بعدي أناسٌ يطلبون العلم، فرحِّبوا بهم وحَيُّوهم) وكانَ أبو الدَّرداء رضي الله عنه إذا ما رأى طُلابَ علم قال لهم: مرحباً بطلبة العلم، لقد أوصى رسولُ الله بكم. وهنا اسمحوا لي بمداخلة أن أتوجَّه إلى أولئك الذين يَفتتحون أو يُؤسِّسون مدارسَ خاصة: شَجِّعُوا يا هؤلاء، شجِّعوا على العلم، وخَفِّضوا من أقساط المدارس، خَفِّضوا، إني لأراكم تتاجرون، كونوا في هذا الأمر خُدَّاماً لطلابِ العلم ولا تَكُونوا تُجَّاراً، فإنَّ التجارة في العلم غيرُ رابحة، أن تتاجر على حسابِ العلم. مَن الذي يستطيع اليوم أن يقدم من أجل ولده (كذا مليون ليرة سورية في السنة) مَن الذي يستطيع إلا القلة القليلة ? أناشدكم الله أن يكون عملكم خدمة، وألا يكون الربح هو الغاية والهدف، وأناشد أيضاً المسؤولين في التربية، في الحكومة من أجل أن يُحسِّنوا سَوِيَّة المدارس العامة، ف‘ن طلابنا يحتجون بضعفِ سَويَّة التدريس في المدارس العامة، ومن أجل ذلك يلجؤون إلى والمعاهد والمدارس الخاصة، يا أيها المسؤولون في التربية: أناشدكم الله أيضاً أن تُعنَوا بمدارسنا العامة، من حيث العناية بالطالب، والمنهاج، والمدرسة، والأستاذ، والمدير، وكل العاملين في هذه الوحدة الدَّرسية المدرسية، أناشدكم الله، وهذه مناشدةٌ أضعها بين أيديكم أيها القائمون على المدارس الخاصة وعلى المدارس العامة حين أتكلم عن حَضِّ أو عن تشجيعِ المجتمع للعلم ولطلابِ العلم.

أيها الطالب للعلم: أوصيك في النهاية أن تكون مخلصاً في طلبك العلم، أن تطلب العلم لله، وهذا يعني أن تطلب العلم من أجل أن تنفع المجتمع الذي حولك، أن تطلب العلم من أجل أن يفيد منه هؤلاء الذين ربّوك وهؤلاء الذين قدَّموك عُنصراً صالحاً للمجتمع، أريد أن تكون مخلصاً في طلبك العلم، فـ: (مَنْ تَعَلَّم) هكذا يقول عليه الصلاة والسلام (من تَعَلَّم لغيرِ الله أو أراد بعلمه غير الله فليتبوَّأ مَقعده من النار).

الأمر الثاني بعد الإخلاص في طلب العلم: هَيِّئ نفسَك من أجل أن تعمل بما تعلَّمت. (طوبى) هكذا قال النبيُّ عليه الصلاة والسلام: (طوبى لمن عَمِل بما عَلِم وأمسك الفضلَ من قوله، وأنفقَ الفضلَ من ماله) أمسك الفضلَ من قوله فلم يكن ثرثاراً ولم يكن (كَرَّاراً) كما نقول، (وأنفق الفضلَ من ماله)، (لا تَزولُ قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع) أو (عن خمس) ومن جُملتها: (وعَمَّا عَمِلَ فيما علم). طالبُ العلم عليه أن يكون مُخلِصاً، وأن يعمل بما عَلِم.

وصيتي هذه في ابتداء افتتاح المدارس والمعاهد والجامعات، ألا إنَّها أمانة أضعها في أعناقكم، وفي عنقي أيضاً، وأسأل الله عزَّ وجَلَّ أن يجعلنا ممن يتعلَّم، ومِمَّن يعمَلُ بما يتعلَّم، ومِمَّن يُقدِّم خِدمةً لبَلَده من خلال العلم. لا تقولوا لأبنائكم أيها الآباء: "لم يَعُد العلمُ ينفع" العلمُ ينفع، وكانَ نافعاً، وسيبقى ينفعُ إلى يوم الدِّين، لا تَحرِفُوا أولادَكم عن بُوصلة العلم والمعرفة، فإن العلم هو أساس المجتمعُ الناهض، المجتمع المزدهر، المجتمع السيِّد، المجتمع المستقل، والمجتمع المستقر. اللهمَّ عَلِّمنا ما ينفعُنا، وانفَعْنا بما عَلَّمتنا، وزِدنا علماً وعَملاً وفِقهاً في الدِّين، يا ربَّ العالمين، نِعْمَ مَن يُسأل أنت، ونِعْمَ النَّصيرُ أنت، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 1/9/2023

 لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

https://fb.watch/mNAOr_2rsy/

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب 

https://www.facebook.com/akkamorg/ 

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

 

التعليقات

شاركنا بتعليق