آخر تحديث: السبت 27 إبريل 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
صورة المجتمع المنشُودة

صورة المجتمع المنشُودة

تاريخ الإضافة: 2023/09/15 | عدد المشاهدات: 279

 

أمَّا بعد، فيا أيُّها الإخوة المسلمون المؤمنون إن شاء الله:

المجتمع له صورة منشودة أرادها لنا ربنا عز وجل، وأرادها لنا رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، بعبارةٍ أخرى: ما الصُّورة التي ينبغي أن يكون عليها مجتمعنا ? مجتمعنا بكليته ? الصُّورة المنشودة المطلوبة لمجتمعنا من أجل أن يكونَها هي حسبَ ما جاء على لسانِ نبيِّنا عليه الصَّلاة والسلام، والحديث معروفٌ مشهور: (مَثَلُ المؤمنين في تَوادِّهم وتَراحمهم وتَعاطفهم كمثل الجسدِ الواحد إذا اشتكى منه عُضوٌ تَداعى له سائرُ الجسد بالحُمَّى والسَّهر) فهل مجتمعنا الآن ونحن ندَّعي بأننا مسلمون مؤمنون، هل مجتمعنا بهذه الصورة ? بل هل مجتمعنا يُقارِبُ هذه الصورة ? بل هل مجتمعنا يمكن أن يكون مُستظلاً ولو بنسبةٍ ضئيلة في ظل هذه الصورة ؟ يقول أيضاً المصطفى صلى الله عليه وسلم ويتابع رسمه لصورةِ المجتمع كما يجب أن يكون: (والذي نفسُ محمد بيده لا يؤمنُ عبدٌ حتى يُحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه) السؤال أيضاً: هل مجتمعنا كذلك، وهل أنت أيها المؤمن تحبُّ لأخيك ما تحبُّ لنفسك ? وأنت تَدَّعي الايمان، وهذا الحديثُ ينطبقُ على الأفراد: (حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه) وينطبق على الأُسر حتى تُحبَّ الأسرة لغيرها، لأختها، لأسرة مثلها ما تحبُّ لنفسها، وينطبق على الأحياء، على وينطبق على المناطق، وينطبق على الدُّول، وينطبق على كل ما يمكن أن يُشكِّل مُجتمعا صغيراً كان أو كبيراً. فهل الدولة الفلانية تحبُّ لأختها ما تحبُّ لنفسها، لا سيما وأن الدَّولتين أو الدول تدَّعي بأنها مسلمة مؤمنة، (والذي نفسُ محمدٍ بيده لا يؤمنُ عبدٌ حتى يُحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه) فهل تحبُّ جاراتُ سورية أو الجيران لسورية ما تحبُّه هذه الدول لنفسها، وكذلك سورية، وكذلك مصر، وكذلك المغرب، وكذلك ليبيا، وكذلك سائر الدول الإسلامية والعربية التي تَنضوي تحتَ راية محمد صلى الله عليه وسلم، وها نحن نرى في كل بلد مصيبة، لكننا نرى في البلدان المجاورة التي تدين بنفسِ دين هذه الدولة، لا تعيشُ معها حالتها النفسية ولا تواسيها، وإن واستها فبشيءٍ قليلٍ قليلٍ مادياً ومعنوياً، (والذي نفس محمد بيده لا يؤمنُ عبدٌ) ولا تؤمنُ أسرةٌ، ولا يؤمنُ مجتمعٌ، ولا تؤمنُ دولةٌ حتى تحبَّ لأختها، لأخيها، لأخيه، ما تحبُّ، ما يحب لنفسه. يقول عليه الصلاة والسلام لتشكيلِ صُورةٍ أخرى: (المؤمنُ للمؤمن كالبنيان) ثم شَبَّكَ النبيُّ بين أصابعه. فهل أنت مع المؤمن كالبنيان ? أعتقد أنكم تملكون الجواب، لأنني أرى كما ترون، وترون كما أرى. هذه هي صورة المجتمع المنشود وَفقَ ما أراد ربنا، ووفق ما أراد رسوله صلى الله عليه وسلم، فانتبهوا يا إخوتي، لأن القضية مربوطة بالإيمان، (لا يؤمن أحدكم) القضية مربوطة بالإيمان، فإن خالفتم، وإن مَشيتم وانزحتم، وغَيَّرتم اتِّجاه البوصلة إلى منحىً آخر فانظروا ما يقوله النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لا تختلفوا) لا تُغيِّروا هذه الصورة، لا تنزاحوا عنها، (لا تختلفوا، فإنَّ مَن كان قبلَكم اختلفوا فهلكوا) النتيجة هي الهلاك، وهذا ما نراه الآن سواءٌ أكان قريباً من هنا أو من أمكنة أخرى تهمُّنا كما يهمُّنا أمر بلدنا، (لا تختلفوا، فإنَّ مَن كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)، ويقولُ عليه الصَّلاة والسلام: (لا تَرجِعوا بعدي كُفَّاراً) ما دامت القضيةُ مربوطةً بالإيمان، فإن تركتم هذه القضية فليسَ بعد الإيمان إلا الكفر، (لا تَرجِعوا بعدي كُفَّاراً) لم يَقُل: لا ترجعوا بعدي كفاراً تُشركون بالله، لم يقل لا ترجعوا بعدي كفاراً لا تُصلون، لم يقل لا ترجعوا بعدي كفاراً لا تصومون، ولكن قال: (لا ترجعوا بعدي كفاراً يضربُ بعضُكم رقابَ بعض)، فإذا ضربَ بعضُكم رقابَ بعض فأنتم كفار، والآن أدعُ الحكمَ إليكم، فأنتم الذين تُشاهدون ما أشاهد. القضيةُ خطيرة، والقضية واضحة، والقضية ليست سَماعاً ثم بعد ذلك يكون هذا التحسُّر، حسبي الله ونعم الوكيل، هذا أمر غير وارد، علينا أن نسعى لتطبيق أوامر محمد صلى الله عليه وسلم، علينا أن نسعى من أجل أن نقول لمحمد فيما يدعونا إليه: "لبيك يا محمد، لبيك يا رسول الله" لا سيما وأننا سنحتفل بعد أيام بمولد هذا النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام، ولهذا عندما ينزاحُ المجتمع عن الصُّورة المنشودة علينا أن نعيده، كيف نعيد هذا المجتمع الذي انزاح عن هذه البوصلة، عن هذا الطريق الرشيد ؟ من خلالِ فريضةٍ مَنسِيَّة، هذه الفريضةُ تفوقُ الصِّيام والصَّلاة والصَّدقة، يقول عليه الصلاة والسلام: (ألا أخبركم بأفضلَ من دَرجةِ الصلاة والصيام والصدقة ? قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صلاحُ ذاتِ البَيْن) بينَك وبين أخيك، بينك وبين أسرتك، بين الأسرة والأسرة، بين الحيِّ والحي، بين المنطقة والمنطقة، بين الدَّولة والدولة، كما قلنا آنفاً: صَلاحُ ذات البَيْن، (ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ? قالوا: بلى يا رسول الله. قال: صلاحُ ذاتِ البين، فإنَّ فَسادَ ذاتِ البين هي الحالقة، لا أقول تحلِقُ الشَّعر، ولكن تحلِقُ الدِّين) حتى ولو ادَّعيتَ الإيمان لكنك لم تُطبِّق مقتضياته المتعلقة بالمجتمع المنشود فإن دينك سيكون مَحلُوقاً، سيكون ذاهباً، سيكونُ ماضياً إلى غيرِ رجعة إلا إذا أعلنتَ التوبة أمام ربك عزَّ وجل في محراب المغفرة والإحسان.

يا إخوتي: إنها أمانة بين أيديكم، وأسأل اللهَ عَزَّ وجل لمجتمعاتنا كلها، لأفرادنا كلهم، لأسرنا جميعاً، أسألُ الله لكل ذلك أن يَردَّنا جميعاً إلى دينه رَدَّاً جميلاً، ، نِعْمَ مَن يُسأل ربُّنا، ونِعْمَ النَّصيرُ إلهنا، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.

ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السلام بحلب الجديدة بتاريخ 15/9/2023

لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا

 

https://fb.watch/n430C4DXn0    /

ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب

https://www.facebook.com/akkamorg/

ندعوكم لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك.

https://t.me/akkamorg

 

التعليقات

شاركنا بتعليق