أمَّا بَعدُ، فيَا أَيُّها الإخوةُ المسلمونَ المؤمنونَ إِن شَاءَ الله:
كنتُ أقرأُ حديثَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: (إنذَ اللهَ فرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعُوها)، قلتُ في نفسي: هل ثمة فرائضُ أضعناها، بمعنى أهملناها أو نسيناها أو بمعنى: غَيَّرنا حُكمَها، فنقلناها من الفَرضية إلى المندوبية، ربما. تذكرتُ بعضَ الفرائضِ التي نَسيناها أو التي لم نعتبرها فريضة، على سبيل المثال التعاون فيما بينكم أنتم أيها المسلمون، (وتَعاونوا عَلى البِرِّ والتَّقوى ولا تَعاونوا على الإثم والعُدوان)، تذكَّرت أيضاً باعتبارنا في شهر المولد أن ثمَّةَ فريضة، لا أدري إذا كانت على بالِ المسلمين من حيثُ كونها فريضة، ألا وهي محبة النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، حُبك النبي صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فرض، والدليل على ذلك: (قل إن كانَ آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كَسادَها ومساكنُ ترضَونَها أحبَّ إليكم مِن اللهِ ورَسوله وجهادٍ في سبيله فتربَّصوا) فتربَّصوا، والحديث الشذَريف القائل: (لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليه مِن وَلَده ووالده ومن الناس أجمعين)، (وحتى من نفسه التي بين جَنْبَيه)، فهل أنت تُحِبُّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ? هذا فرض. لعلَّك تقول لي: أنا أحبُّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، وحسبي أنني أقومُ بهذه الفريضة. أقول: يا إخوتي للفريضة أركان، فأركان هذه الفريضة، وأدلة هذه الفريضة، وبراهين هذه الفريضة:
الركن الأول لهذه الفريضة، والبرهان الأول، والدليل الأول الاتباع: الاتباع في الأقوال والأفعال والأحوال والأهواء، (لا يؤمنُ أحدُكُم حتى يكونَ هَواهُ تَبَعاً لما جِئتُ به)، حتى الهوى ينبغي أن يكون تابعاً لما جاءك به صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، وإذا أردتَ أن تمتحنَ اتباعك فانظر اليومَ على سبيل المثال: هل أنت مع أولئك الذين يُجاهدون العدوَّ الإسرائيلي بقلبك وقالبك، أم أنت تميل إلى أن تكون مع أولئك الذين يُطبِّعون ويُهرولون ويصادقون هذا العدو الذي لا يَقبل صِدقاً ولا يَقبل حَقاً، وإنما يريد - كما قلت لكم - أن يحشر المسلمينَ جميعاً على اختلاف أصنافهم تحت خِيامِ الذُّل، تحت خيامٍ سَوداء، مُلِئت ذُلاً ومُلئت خذلاناً، وهذا امتحانٌ من الامتحانات، (حتى يكونَ هَواه تَبعاً لما جِئتُبه) هل تحرصِ وأنتَ في حَياتك، في مدرستك، في جامعتك، في عملك، في متجرك، في مَصنعك، في مديريتك، في وزارتك، في ثُكنتك، هل تَضَعُ أمامك هذا النبيَّ الأكرم عليه الصَّلاةُ والسَّلام لتتعرَّفَ على سِيرته في هذا الأمر أو في ذاك، من أجل أن تتبعه خُطوةً بخطوة، وذراعاً بذراع، أم أنك في غفلةٍ عن هذا ? ركنُ الحب الاتباع في الأقوال والأفعال والأحوال والأهواء، أو الحرص على الاتباع، أو الاجتهاد في الاتباع، أو السَّعي من أجل الاتباع، أنا اقول الاتباع كنهاية، وإلا فأنا أدعو من أجل أن يكون الأمر في مُكنتك إلى أن تستحضر الاتباع على الأقل، أن تستحضر الاتباع في حياتك، أن تضع النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أمامك، لأن النبيَّ أسوةٌ لك، فالاتباع والائتساء الركن الأول للحب.
والركن الثاني، وقد يغيب عن بالنا هذا، الركن الثاني: الشَّوقُ إلى اللقاء، هل أنتَ مُشتاقٌ لرؤيةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم ? هل أنت تُردِّد كما رَدَّد بِلال: غداً ألقى الأحِبَّة مُحمَّداً وصَحبه، هل تشتاقُ للجنة لأنَّ فيها رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، هل تشتهي وتشتاقُ وتَوَدُّ أن تكون ممن رأى النبي صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في حياته، وهل تسعى من أجلِ أن تَراه بعدَ مماتك، أو في حياتك في المنام ؟ هل تعمل وهل تبذل جهدك من أجل تحقيق هذا الأمر كما تبذل الجهد لتحقيق أمور دنياك ? اسمعوا ما يقوله النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: (مِن أشدِّ أمتي لي حُباً ناسٌ يَكونون بعدي يَودُّ أحدُهم لَو رَآني بأهلِه ومالِه)، خُيِّرتَ بينَ أن ترى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم وبين أن تُضحِّي بأهلِك ومالِك لترى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، أو أن لا تُضَحِّي، وأن لا ترى النبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلام، فإن كُنتَ في داخلِك تسعى وتجِدُّ بأنك تضحي بأهلك ومالك مقابل رُؤية النبي صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم فأنت في شوق إلى لقائه.
الركن الثالث من أركان حُبِّ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم الصلاةُ عليه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، (إنَّ الله وملائكتَه يُصلُّون على النبيِّ يا أيُّها الذين آمنوا صَلُّوا عليهِ وسَلِّموا تَسليماً)، يقول عليه الصَّلاةُ والسَّلام: (أولَى النَّاسِ بي يومَ القيامة أكثرهم عليَّ صَلاة).
أركانُ محبة النبيِّ: اتِّباعٌ وائتساء، شوقٌ إلى اللقاء، الصلاةُ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، ولا سيما حين يُذكَر، فالبخيلُ من أمة المصطفى من إذا ذُكِرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم أمامَه فلَم يُصَلِّي عليه، اللهمَّ صَلِّ وسلِّم وبارك وعَظِّم هذا النبيّ الأكرم عليه صَلواتُ اللهِ وسَلاماتُه، أقولُ هذا القولَ وأستغفِرُ الله.
ألقيت في جامع السيدة نفيسة عليها السَّلام بحلب الجديدة بتاريخ 13/9/2024
لمشاهدة فيديو الخطبة، لطفاً اضغط هنا
ندعوكم لمتابعة صفحتنا عبر الفيس بوك بالضغط على الرابط وتسجيل المتابعة والإعجاب
https://www.facebook.com/akkamorg/
لمتابعة قناتنا عبر برنامج التليغرام بالضغط على الرابط وتسجيل الدخول والاشتراك
التعليقات