|
أين الخلل وكيف العمل؟
بسم الله الرحمن الرحيم: " إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا " (النساء: 48).
أيها الأحبة الكرام:
بهذه الآية تجتمع أطراف النصوص ويفسر بعضها بعضاً. فنصوص الوعد بالجنة للموحدين العصاة الذين يقترفون الكبائر هي بعد تطهيرهم في النار حيناً من الدهر، أو بمغفرة الله سبحانه وتعالى لهم. ونصوص الوعيد على فاعل المعصية قد يعاقبه الله، وقد يغفر له، أو تكفرها طاعاته أو البلاء الذي يصيبه في الدنيا، أو غير ذلك من الأسباب. ولا ريب في أن فهم أصحاب القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية من الرحمة المهداة سيدنا وحبيبنا رسول الله ،صلى الله عليه وسلم، ومن نهج منهجهم هو الفهم السديد، وهو مقتضى النصوص الواردة المتواترة في إقامة الحدود على مرتكبي الكبائر، إذ لو كانوا كفاراً لوجب قتلهم. ولغير ذلك من الدلائل.
ولا شك في أن الفهم هو الذي يعصم المجتمع من التمزق والمشاغبات والفتن الداخلية الناجمة عن رؤية الخوارج وفهمهم.
أيها الإخوة، أيتها الأخوات:
إن الله تبارك وتعالى لطيف بعباده غفور رحيم، قال سبحانه : "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " (النساء: 31).
نعم. " اجتناب الكبائر يكفر الله بها الصغائر" ( أضواء البيان 4/118).
قال تعالى: " وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا" (النساء: 110).
نعم. إن الله لا يريد إثقال كواهل العبادات تشق عليهم.
إن المؤمنين يحيون بين الخوف من الرقيب القادر، والأمل في الرحمن الغفور، ويستعدون للقاء الحسم، طال الأجل أم قصر.
أيها الأحبة الكرام: إن الله سبحانه وتعالى حين خلق الناس حدد لهم هدفين كبيرين:
الهدف الأول: أن يعبُدوا الله ولا يشركوا به شيئاً، قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
الهدف الآخَر: أن يساهموا في عمارة الأرض، قال سبحانه: " هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها"؛ أي طلب إليكم عمارتها عمارة حسية، وعمارة معنوية؛ لأن لنا حضارةً في الماضي، والواجب أن نحييَها هذه الأيام، وهذا يتطلب معرفة جيدة بعلوم العصر، وعمارة معنوية وذلك بإحسان العمل، ونشر العدل والإحسان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع دوام الشكر لهذه النعم قولاً وسلوكاً؛ لأن الشكر هو قيد النعم، فإن انفك القيد طارت النعم. أفلا يقطع الأحشاء أن يصنع القوم الغواصات والدبابات والطائرات وعابرات القارات من الحديد، وفي القرآن الكريم سورة الحديد والله تعالى يقول: " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة" ؛ لأن الله سبحانه يقول: " كنتم خير أمة أخرجت للناس".
|
|
|
|