آخر تحديث: الأربعاء 27 مارس 2024
عكام


خطبة الجمعة

   
معانٍ تفرزها فريضة الحج

معانٍ تفرزها فريضة الحج

تاريخ الإضافة: 2008/11/28 | عدد المشاهدات: 2668

أما بعد، فيا أيها الإخوة المؤمنون:

كنت أود أن أتابع معكم سلسلة علاقة الإنسان مع من حوله ومع ما حوله، لكنني وجدتني في هذه الأيام أيام الحج بحاجة إلى أن أحدِّث إخوة لي عن الحج، وسأعود بعد ذلك إلى متابعة السلسلة في الأسابيع القادمة إن شاء الله.

هذه الأيام التي نعيشها أيام فريضة الحج ﴿الحج أشهر معلومات﴾ وهذه الأشهر هي أشهر الحج، هذه هي الأشهر المعلومات ﴿فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج﴾ إن من كتب الله له في هذا العام أن يكون من الحجاج ومن هؤلاء من ذهب ومنهم من ينتظر، ومنا من كتب الله له ألا يكون له نصيب في هذا العام من أجل أن يحج، وعلى كل حال من حج منا ومن ذهب منا فإنما هو سفير لنا يستغفر لنا هناك في المشاعر والمناسك وحينها سيتجلى ربنا عز وجل عليهم ليقول في يوم عرفة: (أفيضوا عبادي مغفوراً لكم ولمن استغفرتم له) فيا أيها الحجاج أخاطبكم وأنتم هناك ونخاطب من سيذهب في هذه الأيام الباقية إلى هناك: نرجوكم ونسألكم أن تدعو لنا في تلك الأماكن الطاهرة المقدسة، في تلك الأماكن التي شهدت ولادة هذا الدين الحنيف، هذا الإسلام العظيم من خلال نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومن خلال من معه الذين قال عنهم القرآن الكريم: ﴿محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم﴾.

خطر ببالي هذا الصباح أن أحدثكم عن معاني الحج، بعبارة أخرى حينما يتصور منا أي إنسان الحج يتصور مناسكه ويتصور شعائره، والسؤال الذي يريد أن يطرحه على نفسه تُرى إلى أي معنى تسوقنا هذه المناسك، وإلى أي تصوُّر في عالم المعاني وفي عالم اللطائف تشدّنا هذه المشاعر ؟ وإذا ما أردنا أن نتحدث عن المعاني التي تفرزها وتشدنا إليها هذه المناسك فسنبتدئ أولاً بالإحرام.

الإحرام: بمجرد أن يخطر على بالك الحج تتصور الإحرام فما المعنى المستلهم من الإحرام ؟ المعنى المستلهم من الإحرام بكل بساطة التوحيد والتجرد، أن توحد ربك عز وجل وأن تتجرد عما سواه وعمن سواه، أن تتجرد له عن كل شيء لأن التجرد يعني أن تقول لربك بلسان حالك وأنت توحده: لا إله إلا أنت، لا إله في النية إلا أنت، فأنا لا أنوي أن أتوجه إلى كل ما أتوجه به من عمل وفعل وقول إلا إليك، لا إله إلا أنت بالنية ولا إله إلا أنت في العبادة ولا إله إلا أنت في التصور بالنسبة للخالق المطلق ولا إله إلا أنت حينما أعمل الخير، هذا المعنى الذي يمكن أن تأخذه وأن تستلهمه من الإحرام يا من تحج أو يا من تفكر في الحج، فما منا من أحد إلا ويحج أو يفكر بالحج فالمعنى الذي يمكن أن تأخذه وأن تستلهمه من الإحرام يا من تحج أو يا من تفكر في الحج التوحيد والتجرد يا من تفكر بالحج الذي هو ركنٌ من أركان دينك والذي هو فريضة من الفرائض الإسلامية الأساسية لأن الإسلام بُني عليها كما قال سيدي رسول الله: (بُني الإسلام على خمس) ومن جملتها (حج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً).

التلبية: بعد أن تُحرم تلبي فما المعنى الذي يمكن أن تستوحيه من التلبية ؟ أحرمت فها أنت تقول لبيك، والتلبية تعني الولاء المطلق، من توالي ؟ قل لي بربك، من توالي أكثر من ربك ؟ من توالي إلا الذي خلقك فسواك فعدلك ؟ أنت تقول لبيك بشكل مطلق لربك عز وجل وحده: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك. الولاء المطلق لمن أعطى ولمن أعتق، التلبية تفرز ولاءً أو تذكرك بالولاء والولاء يفرز ظاهراً تلبية، وأؤكد على كلمة الولاء المطلق بتلبية مطلقة لبيك اللهم لبيك ولا تستطيع أن تلبي تلبية مطلقة إلا لمن واليت ولاءً مطلقاً فلا يمكن أن تقول لأبيك لبيك تلبية مطلقة ولا يمكن أن تقول لأي إنسان لبيك هكذا تلبية مطلقة، وأنا أتوجه إلى الذين يُعنون بالألفاظ من أجل ألا تكون تلبيتهم مطلقة لمن عدا الله، أن يتوجهوا بالتلبية المطلقة لله فقط وحصراً وأما للآخرين فالتلبية لهم تلبية مقيدة بما لا يغضب الله عز وجل بما لا يغضب من توجهنا إليه بالتلبية المطلقة، لبيك اللهم لبيك الولاء. أدعوك إلى التلبية والتلبية تعزز في داخلك الولاء المطلق لربك عز وجل فتذكّر هذا يا أخي الحاج ويا من تفكر في الحج.

الطواف والسعي: إذا ما أتينا ثالثاً إلى الطواف والسعي فإن المعنى المستلهم من الطواف والسعي هو أنه يجب علينا أن نلازم شرع الله، فالطواف ملازمة والسعي حركة، والحركة يجب أن تكون محدودة بحدود دينك.

أيها الناس أيها المسلمون أيها الحكام أيها المثقفون أيها المسؤولون أيها الوزراء أيها الشيوخ أيها العلماء يا من قلتم لا إله إلا الله محمد رسول الله ومن فمكم ندينكم، ويا من قلتم أن الحج فريضة نقول لكم: إن الطواف يفرز معنى يجب أن يستقر في ذهننا، هذا المعنى هو الحرص على ملازمة شرع الله أينما كنا وحيثما حللنا فلا شرع إلا هذا الشرع ولا قانون إلا هذا القانون ولا دين إلا هذا الدين في أي مكان وُجدنا وفي أي ساحة وقفنا وإذا ما تحركنا فتحرُكنا وسعينا إنما هو في حدود شرع الله لا نتجاوز الصفا والمروة في السعي لأننا نريد ألا نتجاوز إسلامنا وحدود إسلامنا في سعينا وحركتنا، أوليس النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في حديث البيهقي قال: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رخصة لكم ليس بنسيان فلا تبحثوا عنها).

الطواف ملازمة والسعي حركة في حدود الشريعة ولا تجاوز، وانظر طوافك وسعيك يا أخي فهل تتحرك في حركتك هذه تتجاوز حدود الشريعة، انظر طعامك انظر شرابك انظر وظيفتك انظر فرحك انظر ترحك انظر كل ما يصدر عنك من حركة منتظمة هل تتجاوز في حركتك حدود شرع الله ؟ هل تتجاوز في سعيك وعملك وتصرفاتك وأقوالك شرع الله عز وجل أم أنك تسعى وتتحرك ضمن هذه الحدود ؟ إن كان الأمر كذلك فنعما ما تفعل وإن كان المر غير ذلك إن كنت متجاوزاً فتب إلى الله في هذه الأيام وقل: يا رب وفقني من أجل ان تكون حركاتي وسكناتي في حدود شرعك وفقني من أجل أن ألتزم شرعك كما يلتزم الطائف الكعبة فيدور حولها ويطوف حولها ويلازمها ويأبى أن ينحرف عنها فلا تنحرفوا عن شريعة ربكم.

الرمي: حتى إذا ما كان الرمي فالرمي تبرُّؤ وبراءة، تبرؤ من الشيطان ومن كل تجليات الشيطان، براءة من الشر براءة من البغضاء التي يولدها الشيطان براءة من الشحناء براءة من موالاة أعداء الله عز وجل، براءة من الشيطان وإعلان لهذه البراءة من شيطان الإنس ومن شيطان الجن ومن أفعال الشيطان ومن مفرزات الشيطان ومن تجليات الشيطان ومن ثقافة الشيطان ومن كل ما يمت إلى الشيطان بصلة، تقف فترمي هذا الشيطان وهذا يعني أنه يجب أن تقف أنت حيث أنت لتقول للشيطان أعوذ بالله منك من أن أكون معك أو أن تكون معي أو أن تؤزني أو أن أستمع إلى ما تقوله لي معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي، هكذا فلنكن عندما نتذكر الرمي، من حج منا وهو يرمي ومن لم يحج وهو يفكر في الحج.

الوقوف بعرفة: ثم تأتي إلى عرفة، وعرفة إنما تفرز المعنى التالي: إعلان وتصريح لعهدك مع الله عز وجل، وفي عرفة يجري التوقيع على العقد الذي أبرمته مع ربك يجري الإمضاء، ولذلك إن لم توقع العقد فالعقد باطل وكذلك الحج فـ (الحج عرفة) ومن لم يكن في عرفة فلا حج له، عرفة هي التوقيع، هي الإعلان، أمضينا العقد مع الله ووقَّعنا عليه على أساس من معرفة على أساس من وعي فلا يريد ربك منك أن توقع العقد معه وأنت لا تعرف مضمون العقد، فقد نوقع العقد مع ربنا ولا نعرف مضمون العقد، أنت عندما تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله هذا عنوان العقد، تفاصيله في هذا الكتاب، في القرآن الكريم، فهل قرأت القرآن الكريم على أنه عقدٌ ثم وقعت عليه في عرفات لتقول: لبيك اللهم لبيك. قصدتك يا رب وأنت الذي قلت على لسان نبيك بأنه من لم يقف في عرفة، من لم يوقع العقد مع الله في عرفة على أساس من عرفان فلا حج له ولا معنى لأي تصرف يقوم به، وإذا بطلت عرفة بطل الحج كله. هذا ما تفرزه عرفة.

زيارة النبي صلى الله عليه وسلم: بعد عرفة يمكننا أن نتحدث عن الزيارة العظيمة لسيد الناس على الإطلاق، لحبيب رب العالمين. فما المعنى الذي تفرزه الزيارة لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، لأعظم خلقٍ خلقه الله عز وجل على مستوى الإنسان، ما الذي تفرزه الزيارة من معانٍ فيك أنت ؟ ما تفرزه الزيارة أنك تريد أن تزور هذا الذي بلَّغك ولولا هذا المبلغ من أين ستكون أنت مسلماً من أجل أن تشكر هذا الذي بلغك فتقف أمام هذا النبي الكريم لتقول له: الشكر لك يا سيدي يا رسول الله لأنك بلغتنا ولولا أنك بلغتنا ما كنا في هذه الحال التي نحن عليها من إسلام لربنا من انصياع لربنا من انقياد لربنا من تعامل مع هذا القرآن العظيم الذي هو دستور الإنسانية عندما تريد الإنسانية الرشاد، الشكر لك يا سيدي يا رسول الله لأنك بلغت ولأنك ضحيت وأنت تبلغ ولأنك بذلت ما في وسعك وطاقتك وقدرتك أن تبلغ، فصلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله، أيها العظيم في تبليغك أيها العظيم في تأديتك الأمانة أيها العظيم في تبليغك الرسالة أيها العظيم وأنت تقدّم للناس الخير وأنت تقدم للناس ما يصلحهم في دينهم ودنياهم، وهذا الشكر بكل بساطة ليس كلاماً يجري على اللسان أو معنى ينبع من القلب فحسب بل يجب على هذا الشكر من أجل أن يكون شكراً تعنيه الكلمات الجادة، يجب أن يفرز هذا الشكر إتباعاً وولاءً واقتداءً وتأسياً بهذا النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم، تقف أمامه تصلي عليه تشكره تثني عليه ولكن بعد أن تذهب وبعد أن تنصرف من الزيارة ما عليك إلا أن تتأكد من أن شكرك كان شكراً صحيحاً، كيف تتأكد ؟ من خلال الاتباع من خلال الاقتداء من خلال الولاء من خلال الحب من خلال الافتداء مع الاقتداء من خلال التأسي، إن أفرز الشكر هذا الذي قلته أمام حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم اتباعاً واقتداءً وولاء فاعلم بأن شكرك مقبول وأنك قُبلت من قبل هذا النبي الأعظم من محمد صلى الله عليه وسلم الذي يسمعك بإسماع الله عز وجل بطريقة لا نعرفها وإنما بطريقة ربانية يقدر عليها ربنا فهو الفعال لما يريد وهو القادر على كل شيء يسمعك عندما تصلي عليه لأن النبي نفسه قال صلى الله عليه وسلم: (صلوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) وفي حديث آخر: (من صلى عليَّ عند قبرى سمعته ومن صلى عليَّ من بعيد علمته).

أخيراً: لن ننسى هذا الذي بنى البيت، لن ننسى إبراهيم عليه الصلاة والسلام الذي رفع القواعد مع ولده إسماعيل، فالحمد لله على إبراهيم والحمد لله على إسماعيل الذي كان من إبراهيم وإسماعيل هذا  كان من ولده النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم﴾ فالصلاة عليك يا سيدنا يا إبراهيم، ولأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام بنى البيت الذي طلب منا ابنه محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن نحج إليه فإننا نصلي عليه الصلوات الإبراهيمية، الصلاة والسلام عليك يا سيدنا يا إبراهيم أيها النبي العظيم، صلى الله عليك وسلم لأنك أذّنت الأذان الأول في الحج ولا يزال أثر هذا التأذين سارياً فينا ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر﴾ ولا يزال صوت إبراهيم سارياً إلى يومنا هذا، ﴿وأذن في الناس﴾ والناس لفظٌ عام يشمل من كانوا في عهد إبراهيم ومن سيأتون إلى يوم الدين إلى يوم القيامة ﴿وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر يأتين من كل فجٍ عميق﴾.

وأما فيما بينكم أنتم أيها الحجاج وباعتبار أن الحج مؤتمر عام اجعلوا فكرة في كل سنة تعالجونها جميعاً ويقدّم كل واحد منكم ما يمتلكه من خبرات حول هذه الفكرة وعن هذا الأمر وأنا أطلب منكم الآن أن تفكروا ملياً وأن نفكر معكم، أن نفكر في وضع إخوتنا في فلسطين في غزة فيا هؤلاء يا من حج ويا من يفكر في الحج، يا أيها المسؤول حيث كنت وكلنا مسؤولون بنسبة أو بأخرى، يا أيها المسؤول على مستوى الرئاسة ويا أيها المسؤول على مستوى الأسرة ويا أيها المسؤول على مستوى النفس: (من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) فكروا في إخوانكم ولا يقولن كل واحد منا بأن الأمر لا يعنيني وإنما الأمر يعني المسؤولين الكبار، هنا كلنا مسؤولون وعلينا أن نخاطب أنفسنا فيما يخص قضيتنا الأساسية المركزية التي هي القضية الفلسطينية التي هي قضية بيت المقدس التي هي قضية غزة ويافا وحيفا وكل شبر من هذه الأراضي المحتلة فما علينا إلا أن نفكر فيما يجب علينا أن نفعله وأن يفعله كل من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله وكل من انتسب إلى العروبة إلى ما يجب أن يفعله كل هؤلاء من جهودٍ من تخطيطٍ من بذل للمال من بذل لما يملك من بذل لقضاء حاجات إخواننا هناك في فلسطين، فكروا بهذا الأمر بشكل جدي وأنا أقول لكم من باب التفكير لا أكثر ولا أقل: لو أن كل واحد منا فكر في فلسطين بأكملها بربع ما يمكن أن يفكر بالهدايا التي سيأتي بها من الحج لكانت القضية اليوم بوضعٍ غير الذي هي عليه ولتغير الوضع ثقوا بهذا، القضية تحتاج إلى هم، والهمُّ تفكيرٌ إيجابي وإذا ما كنت صاحب همّ في أمر ما فسيوفقك الله عز وجل لحلٍ نظري وحلٍ عملي..

هذا هو المحك ولا يقولن قائل بأنني أعبد الله عز وجل أصلي وأصوم وأزكي ومالي وللمسلمين وقد تردى حال المسلمين كثيراً ؟

لا أقول لك فكر في أفراد المسلمين ولكن فكر في قضايا المسلمين لأن قضايا المسلمين قضاياك ولأن قضية المسلمين قضيتك وإلا فلست بمسلم بتقرير سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).

اللهم وفقنا لحجٍ بمعانيه، وفقنا لفريضة فرضتها علينا إن في الصلاة أو في الزكاة أو الصيام أو الحج، وفقنا من أجل أن نقوم بها حق القيام، أن نؤدي الفريضة وأن نستشعر مع الأداء المعاني وأن نحول تلك المعاني إلى سلوكٍ وخطط وأعمال، نسأل الله ذلك، نعم من يسأل ربنا ونعم النصير إلهنا، أقول هذا القول وأستغفر الله.

ألقيت بتاريخ 28/11/2008

التعليقات

شاركنا بتعليق